حبل الله
الحواريون

الحواريون

الحواريون

الحواريون، تعبير يُرادُ به الإشارة إلى 12 شخصاً من الأنصار الخواص لعيسى عليه السلام. وعندما أحسّ المسيح عليه السلام بخيبة الأمل من إيمان قومه أراد أن يعرف أصفياءه الذين آمنوا به ولم يخذلوه. قال تعالى « فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (آل عمران، 3 / 52).

جاء في إنجيل متّى أن عيسى عليه السلام صُلب ودُفن، ثمّ قام من بين الأموات بعد ثلاثة أيام، واجتمع بأحد عشر تلميذا له في الجليل. وأخبرهم أنّه قد دُفع له كل سلطان في السموات وعلى الأرض. فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس. وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر.[1]

وهذا الكلام لا يمكن أن يُقبل كوحي أنزله الله تعالى على عيسى عليه السلام. وكذلك لا يمكن أن نقبل ظهوره لحواريه بعد أن مات. قال الله تعالى: «وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ» (المائدة، 5 / 46). وقال أيضا: «مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» (المائدة، 5 / 75).

ولما توفي عيسى عليه السلام انقطع عن الدنيا. كما قال الله تعالى على لسانه في الآخرة: «قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» (المائدة، 6 / 116 – 117).

فلا يمكن تصور الكلام السابق أن يكون من كلام عيسى ولا مما أنزله الله تعالى في الإنجيل. بل هو زيادة في الإنجيل، قد أضيف لينسب إلى الحواريين مزيدا من القوة الروحانية تؤهلهم ليكونوا وسطاء بين الله تعالى وخلقه.

وقد جاء في إنجيل متى: أنّ المسيح عليه السلام قد شكل مجلسا من إثني عشر حواريا له، وجعل بطرس رئيسا لهم وقال له: “وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكلّ ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السماوات. وكل ما تحلّه على الأرض يكون محلولا في السماوات”.[2] وتفسر عبارة ملكوت الربط والحل، على أن من يقبله الحواريون (أي الكنيسة) فهو مقبول عند الله، وكذلك من يطردونه فهو مطرود عند الله. لذا يزعمون أن المصالحة مع الكنيسة مصالحة مع الله .[3]

من كتاب التوسل والشرك/ أ.د عبد العزيز بايندر



[1]    إنجيل متى، الأصحاح الثامن والعشرون، 16 – 20.

[2]    إنجيل متى، 16 / 19.

[3]    التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، الفصل: 1445.

التعليقات

  • جزاكم الله خيرا
    هل نفهم من هذا عدم نزول عيسى اخر الزمان
    و في الاية «قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» (المائدة، 6 / 116 – 117).
    ماذا تفيد فلما توفيتني

    • سُئل الشيخ محمود شلتوت مفتي الجامع الأزهر سابقاً: هل عيسى حي أو ميت بحسب القرآن الكريم والسنة المطهرة، فأجاب ناقلا آية سورة المائدة: {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلمّا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيءٍ شهيد} بأنّ عيسى عليه السلام كان شهيداً عليهم مدة إقامته بينهم وأنه لا يعلم ما حدث منهمبعد أن توفاه الله. ويتابع قائلا: وقد وردت كلمة (توفي) في القرآن الكريم كثيراً بمعنى الموت حتى صار هذا المعنى هو الغالب عليها المتبادر منها، ولمتستعمل في غير هذا المعنى إلا وبجانبها ما يصرفها عن هذا المعنى المتبادر. ومن حقكلمة (توفيتني) في الآية أن تُحمَل على هذا المعنى المتبادر وهو الإماتة العاديةالتي يعرفها الناس ويدركها من اللفظ والسياق الناطقون بالضاد. ولا سبيل إلى القول بأن الوفاة هنا مراد بها وفاة عيسى بعد نـزوله من السماء بناءً على زعم منيرى أنه حي في السماء، وأنه سينـزل منها آخر الزمان، لأنّ الآية ظاهرة في تحديدعلاقته بقومه هو، لا بالقوم الذين يكونون في آخر الزمان وهم قوم محمد باتفاق لا قوم عيسى.
      ثم يقول: ليس في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة مستند يصلح لتكوين عقيدة يطمئن إليها القلب بأن عيسى رفع بجسمه إلى السماء، وأنّه حي إلى الآن فيها، وأنه سينـزل منها آخر الزمان إلى الأرض.
      وقد كتب الشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسير آية (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإنْ مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم): أي أن محمداً ليس إلا بشرا قد مضت الرسل قبله فماتوا وقُتل بعضهم كزكريا ويحيى ولم يكتب لأحد من قبلهم الخلد،أفإن مات كما مات موسى وعيسى وغيرهما من النبيين (أو قُتل) كما قُتل زكريا ويحيى، تنقلبوا على أعقابكم راجعين عمّا كنتم عليه … والخلاصة إنّ محمداً بشر كسائر الأنبياء وهؤلاء قد ماتوا أو قُتلوا.

      للمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة (عقيدة نزول المسيح) على موقعنا http://www.hablullah.com/?p=1288

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.