السؤال:
يستشهد بعض الرجال ببعض النصوص الدينية ليقولوا أن الرجل أفضل عند الله تعالى من المرأة مثل الآية التالية:
﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ [التحريم: 10]
فيستدلون بعبارة {تحت عبدين من عبادنا} أن المرأة تحت الرجل وأقل منه، لكن ألم تُذكر هذه الكلمة لأنهما امرأتان كافرتان؟! حيث إن الله سبحانه وتعالى ضرب في الآية التي بعدها مثلا للذين آمنوا وهي امرأة فرعون ولم يقل أنها كانت تحت فرعون؟.
– ومثل الرواية المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم: (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع) التي لا أعرف مدى صحتها، وعلى فرض صحتها أليس معنى الرجال الكثير الذين كملوا هم الرسل والأنبياء؟ فلماذا يعدون أنفسهم من الرسل والأنبياء!
الجواب:
من يستدلون بقوله تعالى (كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ) على تفضيل الرجال على النساء فهم واهمون، لأن كلمة “تحت” لا تفيد التفضيل إنما تفيد تحديد موقع الشخص من الشخص، فمثلا: الذي يسكن في الطابق العلوي من البناء لا يكون بالضرورة أفضل عند الله من الذي يسكن تحته.
والآية تتحدث عن نبيين كريمين ابتليا بامرأتين كافرتين، ولا شك أن المؤمن أفضل عند الله من الكافر، والأفضلية غير متعلقة بالجنس البتة، وإنما بالتقوى، كما جاء في قوله تعالى:
﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13]
أما حديث (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع…)، فلا يبدو أن متنه صحيح؛ لأن الإنسان الكامل هو مصطلح صوفي ظهر متأخرا وله دلالات تتنافى مع الإيمان وقد ترقى إلى الشرك، كما أن هذا الوصف يتنافى مع وصف الله تعالى للإنسان في القرآن بالضعف:
﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]
والعجلة:
﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾ [الإسراء: 11]
والجهل:
﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [الأحزاب: 72]
ومحدودية العلم:
﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 85]
فالكمال لله وحده، أما البشر فمهما بلغوا من التقوى والعمل الصالح والعلم إلا أنهم لا يبلغون درجة الكمال، ولهذا فإن الرواية لا تتناسب مع مقررات القرآن في هذا الشأن.
*وللمزيد حول الموضوع ننصح بالاطلاع على ما يتعلق به من المواضيع التالية:
هل فضل الله تعالى النساء على الرجال أو الرجال على النساء؟ https://www.hablullah.com/?p=6663
الشك في عدل الله بأن ميَّز الرجال على النساء في التكليف والجزاء https://www.hablullah.com/?p=5976
هل المرأة مخلوقة لمنفعة الرجل فقط؟ https://www.hablullah.com/?p=7213