حبل الله
هل يأثم المذنب مع جهله بحرمة فعله؟ وهل يقام عليه الحد إن كان ذنبه يوجبه؟

هل يأثم المذنب مع جهله بحرمة فعله؟ وهل يقام عليه الحد إن كان ذنبه يوجبه؟

السؤال:

هل الوقوع في ذنب قد يكون له عقوبة أو حد مع العلم بأن الشخص كان يظن أن الفعل هذا حلال وأنه من حقه المباح فهل يسقط عنه العقاب والجناح وأثر الذنب ولما عرف تاب وحاول أن يصلح؟

الجواب:

الذنوب نوعان:

الأول: لم ترتب الشريعة عليه عقوبة دنيوية محددة وليس من شأن القضاء البحث فيه، كالتقصير في حق الله تعالى في العبادة والتوكل وغير ذلك، فهذا إن صدر من العبد جاهلا بحكمه غير متعمد للإثم وكان ممن يعذرون بالجهل فإنه لا يأثم، لقوله تعالى:

﴿وَلَيْسَ ‌عَلَيْكُمْ ‌جُنَاحٌ ‌فِيمَا ‌أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 5]

لكنه قد يأثم في تقصيره بطلب العلم من مظانه، فإن عجز عن معرفة الحكم من كتاب الله تعالى مباشرة فيجب عليه سؤال أهل العلم، لقوله تعالى:

﴿‌وَلَوْ ‌رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 83]

﴿فَاسْأَلُوا ‌أَهْلَ ‌الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ [النحل: 43-44]

النوع الثاني من الذنب:

هو ما رتب عليه الشرع عقوبة وكان متعلقا بحقوق العباد، فإن كان الجرم يُعلم قبحه بالضرورة كالقتل والسرقة والزنا، فإنه يقام عليه الحد حتى مع الجهل بالحكم، لأن هذه الجرائم مما يُعرف بالعقل قبحها، وتحرمها جميع الشرائع والملل.

وإن فعل أحد الناس ذنبا من هذه الذنوب ولم يُقم عليه الحد لأنه تم الستر عليه أو لأنه لم تقم هناك جهة تقيمه فيمكن لهذا الشخص إصلاح الضرر الواقع على الغير بنفسه، كأن يرد المسروق أو قيمته لصاحبه، أو أن يطلب العفو من أولياء المقتول ويدفع الدية، فإن فعل ما يجب عليه وتاب إلى ربه توبة نصوحا فإن الله التواب الرحيم يتوب عليه ويكفر عنه ذنبه، قال الله تعالى:

﴿وَإِنِّي ‌لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه: 82]

ولا شك أن الأعمال توزن يوم القيامة؛ فمن ثقلت موازين حسناته فهو في عيشة راضية، وأما من ثقلت موازين سيئاته فهو في النار والعياذ بالله، حيث يوضع في الميزان كل أعمال العبد صغيرها وكبيرها ثم توزن، قال الله تعالى:

﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ. فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ‌ذَرَّةٍ ‌خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 6-8]

*وللمزيد حول الموضوع ننصح بالاطلاع على الفتاوى المتعلقة كما يلي:

أثر التوبة في إنفاذ الحدود الشرعية https://www.hablullah.com/?p=3113

وهل تنفيذ الحد شرط للتوبة النصوح؟ https://www.hablullah.com/?p=6957

التوبة من الزنا وما دونه https://www.hablullah.com/?p=2366

هل باب التوبة مفتوح لمن ختم على قلبه؟ https://www.hablullah.com/?p=2718

كيف تكون التوبة من الاعتداء على الآخرين جسديا أو نفسيا؟ https://www.hablullah.com/?p=8612

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.