حبل الله
هل الاعتقاد بأن الله تعالى منحاز للرجال يدخل المرء في دائرة الإلحاد؟

هل الاعتقاد بأن الله تعالى منحاز للرجال يدخل المرء في دائرة الإلحاد؟

السؤال:

أشكركم حقا على مجهودكم الرائع في تصحيح الأخطاء المتوارثة المتعلقة بالإسلام و على إجابتكم على أسئلتي الكثيرة، لكن لدي سؤال مهم أرجو منكم الإجابة عليه :

منذ مدة طويلة كنت أتحدث مع أستاذ التربية الإسلامية في الإعدادية، و قد كان يتحدث عن تكريم الإسلام للمرأة، و قد عارضته بالقول إن الإسلام حقا لم يول المرأة اهتماما كبيرا إلا في حالة كان الرجل معها و أنه قد فضل الرجال بشكل واضح، فغضب الأستاذ كثيرا، و قال لي أنني قد أصبحت مرتدة أو ملحدة، و قال لي يجب أن أتراجع عن كلامي في الحال.

سؤالي: هل حقا اعتبر ملحدة؟ فأنا أصلي و أصوم و أؤمن بالله تعالى، لكن لدي يقين بأن الله قد فضل الرجال فهو لا يخاطب النساء مباشرة و إنما يخاطبهن بضمير الغائب، و قد رأيت النقاشات وكذلك آراء المجتهدين الجدد الذين يحاولون إثبات أن المرأة مساوية للرجل عند الله تعالى، لكنهم تعثروا، و قد اعترف بعضهم أن النصوص بعضها ينحاز إلى الرجال، أنا أرى أن جميع الجرائم الإنسانية ضد المرأة مباحة في الإسلام كالعنف والاغتصاب (الزوجي) و التحرش و السبي، و أتذكر ظهور النسوية الإسلامية لتثبت للفتيات اللواتي تأثرن بالغرب أن مشكلة المرأة المسلمة تكمن في التفاسير و التقاليد لكن سرعان ما تعثرت هي الأخرى و انقسمت بين من يرى أن الإشكالية في التفسير وبين من ترى أن الإشكالية في النص كونه ينحاز إلى الذكور، و الكثير من الجدالات .

المشكلة تكمن في كوني أؤمن بأن الإسلام دين حق، لكن عندما يكون الموضوع حول نظرته للمرأة فأراه مثل جميع الديانات السماوية الأخرى، و قد مررت بفترة صعبة، و حتى الآن لا أستطيع تقبل كون الله فضل الذكور على الإناث .

إن صبرت المرأة على كل هذا فهل سيكون جزاؤها مثل الرجل؟ فالله لم يتحدث عن نعيم النساء؟

هل اعتبر مرتدة لكونه لدي مثل هذه الأفكار؟ و هل دخلت دائرتها الآن؟

و السؤال الأخير هو هل سيعاقبني الله لتفكيري هكذا ؟

الجواب:

نشكر السائلة على ثقتها في موقعنا ونتمنى لو أننا بالفعل قد أجبنا عن الكثير من أسئلتها المتعلقة بتصحيح الأفكار المغلوطة عن الإسلام على حد قولها.

إن السائلة تدَّعي أنها تؤمن بالإسلام بعد كل هذه التساؤلات والاتهامات!!

ولكن في الحقيقة أنها لا تحتاج إلى جواب أو رد على ما طرحته من اتهامات للدين الذي تؤمن به، وإنما عليها أن تعيد التفكير في أحقية اتباعها لهذا الدين الذي يتناقض اسمه مع مبادئه ودعوته بحسب ما ادعته من إقراره العنف ضد النساء وارتكاب الفواحش! لعلها تتيقن من حقيقة هذا الادعاء!!

بل لا نكون مبالغين إذا قلنا أن عليها أن تبحث عن إله غير الله تعالى!! إله يتصف بالرحمة والعدل!! إله لا يأمر بالسوء والفحشاء!! إله لا يفرق بين عباده ولا يخص النعيم ببعض خلقه وهم الرجال ويعذب النساء ويحرمهن من الجنة!!

فكيف لرب هذا الدين أن يكون جديرًا مستحقًا للعبادة والاتباع!!

﴿نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾؟!

نحن لا نقسو على السائلة ولا نتهمها بالإلحاد أو عبادة غير الله تعالى، وإنما الشيء الواضح الجلي أن السائلة سمعت وقرأت عن إسلام غير الإسلام الذي أنزله الله تعالى في كتابه بكل تعاليمه.

إن السائلة تصلي لكنها حتى الآن لم تتعرف بشكل حقيقي على الإله الذي تقف أمامه، فهي تبدأ صلاتها بــــ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾ الفاتحة (1) ثم تسأل عن العنف والفحش والسبي والتحرش!!

حين تحمد رب العالمين ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الفاتحة (2) ثم تسأل عن رب الرجال والذكور فقط!

حين تناديه بــــ ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ الفاتحة (4) ثم تسأل عن ظلمه لبعض خلقه دون ذنب!!

إن السائلة ينبغي عليها أن تتعرف على ربها لتعبده عن علم ويقين وتتعرف على دينها لتتبعه عن عقيدة راسخة واثقة.

والآن نرد عن التساؤلات أو بالأحرى نرد الاتهامات، وفرق بين الرد عليها وردها:

  • فأي إسلام هذا الذي يحمل معنى السلام وهو يبيح العنف والاغتصاب الزوجي والتحرش والسبي؟!

وكيف يتفق ذلك مع أمره تعالى بالطهر ونهيه عن الفواحش:

﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ الأنعام (151).

وما الفرق بين هذا الدين وبين حكم الجاهلية الذي أباح وأد البنات الذي توعد تعالى من فعله:

﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ التكوير (9)

هل يتوعدهم الله تعالى بالعذاب ثم يدعو إليه؟!

﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ المائدة (50)

هل توجد آية واحدة دعت إلى تلك الفواحش:

﴿فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ الصافات (157).

هل يأمر الله بالفحشاء:

﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا، قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ، أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ الأعراف (28)

  • ما هي الديانات السماوية الأخرى التي ظلمت المرأة بالإضافة إلى الإسلام؟!

فالدين كله هو دين الله تعالى الذي أنزله على رسله وأنبيائه، ولم تختلف الشرائع السماوية في المبادئ الأساسية من الرحمة والعدل والمساواة حتى وإن اختلفت في بعض الفروع، وما حدث من التحريفات حدث بعد نزول الدين نتيجة الصراعات على السلطة والطمع في مكانة الرسل أو فرض الكهنوت والسيطرة على العباد قَالَ اللَّهُ جَلَّ وعَلَا:

﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ، وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ، وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ آل عمران (19)

فالله تعالى لم يفرق بين أحد من رسله، فلا علاقة لشريعة الله الطاهرة بتلك التحريفات التي لحقت في رسالاتهم حال حياتهم وبعد وفاتهم قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ:

﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا، وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ، فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ الأنعام (112)

  • لماذا لا يولي الإسلام المرأة اهتمامًا إلا إذا كان الرجل معها؟!

إن كان هذا الكلام صحيحًا فأين كان فرعون عندما قال تعالى عن امرأته:

﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ التحريم (11)

وأين كان الرجل حينما اصطفيت الطاهرة مريم على كل النساء:

﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾ آل عمران (42)

وأين كان الرجل مع ملكة سبأ حين قال سُبْحَانَهُ وتَعَالَىٰ عنها:

﴿إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ النّمل (23)

  • لماذا جاء الخطاب في القرآن للرجال مباشرة؟! وجاء للنساء بضمير الغائب؟!

إذا كان الأمر كذلك فأين جاء ذلك؟!

وهل توجد آية واحدة في كتاب الله تعالى تخاطب الرجال خاصة بـــ (يا أيها الرجال) أو (يا أيها الذكور)!!

والحق أن الخطاب في القرآن متنوع بين ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ﴿يَا بَنِي آدَمَ﴾ ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ﴾

أليست المرأة من الناس ومن المؤمنين ومن بني آدم ومن الإنس؟! أليست المرأة إنسانًا!!

بل إن الله تعالى أنزل سورة النساء ولم ينزل سورة باسم الرجال والذكور!

وأنزل الله تعالى سورة المجادلة لينبئنا عن امرأة ذهبت تشكو زوجها وتجادله في أمره:

﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَاۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ المجادلة (1)

إن عدد ذكر النساء في القرآن الكريم أكثر من عدد ذكر الرجال.

لم يذكر الله تعالى الذكر منفردًا عن الأنثى قَالَ سُبْحَانَهُ:

﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ﴾ النجم (45)

بل أنه قد جاء ذكر الأنثى أكثر من الذكر!

  • ما فائدة صبر المرأة على كل هذا الظلم ما دامت ستعذب في النار؛ بما أن الله تعالى لم يتحدث عن نعيم النساء؟!

فقط نحن نتساءل: أين ذكر في كتاب الله تعالى نعيم الرجال والذكور وحدهم دون النساء؟!

فقد قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾ الانفطار (13)

﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ القلم (34)

أليست النساء من ضمن الأبرار والمتقين!

﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ، إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا﴾ مريم (61)

أم أنها ليست من عباد الرحمن!!

ألم يقل الله تعالى:

﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ النساء (124)

﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ النحل (97).

﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا، وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ غافر (40)

﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ آل عمران (195)

ألم يقل الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ، وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ، ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ التوبة (72)

﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب (35)

أم أنه ختم الآية بالقول (أعد للرجال مغفرة..)!!

  • إذًا فما دليل الرأي الآخر على انحياز النص للذكور على حساب الإناث؟! أين هذه النصوص من كتاب الله تعالى فليأتنا بها!

﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾؟! ﴿أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ﴾؟! ﴿إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ﴾؟!

  • هل بالفعل الإشكالية الحقيقية تكمن في التفاسير والتقاليد؟! أم في النص المنحاز؟!

إن الإشكالية الحقيقية لا تكمن في التفاسير والتقاليد كما ذكرت السائلة؛ فهي لا تعبر إلا عن رؤية صاحبها أو مقلدها، وإنما تكمن فيمن ترك كتابا قال عنه منزله سُبْحَانَهُ وتَعَالَىٰ:

﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ﴾ النحل (89)

وألقى مسامعه وفكره لمن افترى الكذب على الله تعالى وعلى رسوله:

﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ الصف (7)

وفيمن ترك سفينة الحق اليقين: ﴿وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ﴾ الحاقة (51)

ولحق بركب الريب والظنون:

﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ، وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ النجم (28)

وفيمن ألقى السمع لتلك الروايات التي افتريت لتحقير المرأة وسبيها وضربها وعذابها وغير ذلك من الافتراءات ثم نسبتها لله تعالى ولرسوله، وقد أمرنا تعالى بأن نلقي سمعنا لكتابه وحده لا شريك له:

﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ ق (37)

الإشكالية الحقيقية تكمن فيمن صدق الباطل بدلًا من رده والرد عليه من كتابٍ:

﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ فصّلت (42)

وانساق وراء الباطل ملقيا بالتهم والزور والبهتان على الدين القيم:

﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ، وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ الأنعام (153)

واستمع لرأي المغرضين من الكفار وأتباعهم وأشياعهم، الذين نهانا الله تعالى أن نتخذ منهم أولياء:

﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ ‌أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 3] 

والسؤال الأخير: هل تعد السائلة كافرة أو مرتدة؟ وهل سيعذبها الله تعالى على تفكيرها؟!

يتبين من هذا السؤال أن فطرة السائلة ما زالت حية رغم تلك الشكوك لأنها لو كانت موقنة بما ادعته لما وجدت نفسها بحاجة لهذا السؤال. وعليها أن تطمئن لرحمة الله تعالى بها قَالَ سُبْحَانَهُ:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ، وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ النساء (147)

فقط عليها أن تثق في الإله الذي تعبده وفي عدله ورحمته كي لا تكون ممن قيل فيهم:

﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ آل عمران (154)

وعندما تُعرض عليها مثل تلك الشكوك والاتهامات المتناقضة عليها بتدبر كتاب الله تعالى كما أمرنا مُنزله سبحانه:

﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ النساء (82)

وأن تتيقن أن الله تعالى لن يضيع إيمانها:

﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ البقرة (143)

وسوف تصل إلى الحق لا محالة، قَالَ سُبْحَانَهُ:

﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ العنكبوت (69)

*ولتمام الفائدة ننصح بالاطلاع على المقالات والفتاوى ذات الصلة التالية:

الشك في عدل الله بأن ميَّز الرجال على النساء في التكليف والجزاء

https://www.hablullah.com/?p=5976

بعض قضايا المرأة بين سوء فهم النصوص والتحريف

https://www.hablullah.com/?p=7149

التَّمييز الإيجابيُّ بحقِّ المرأة بين ما قرَّره القرآن وبين ما توصَّل إليه الغربيُّون

https://www.hablullah.com/?p=5088

المرأة بين القرآن وبين المفاهيم التي تجعلها أقل مرتبة من الرجل

https://www.hablullah.com/?p=2097

استرقاق أسرى الحرب واتخاذ الجواري

https://www.hablullah.com/?p=2742

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.