حبل الله
من الذي يملك العفو عن القاتل المتعمد؟

من الذي يملك العفو عن القاتل المتعمد؟

السؤال:

أنا حقا شاكرة لله أني عثرت على موقعكم و أود شكركم على مجهوداتكم فبارك الله فيكم، أما بعد فلدي السؤال التالي:

رغم أن الدية ذكرت في القرآن للقتل عن طريق الخطأ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا* وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء:92-93}.

أجد فتاوي تجيز للقاتل عمدا التهرب من القصاص مقابل دفع الدية. مما سبب لي حيرة فهذا يعني السماح للقتلة الأغنياء بالفرار. وجزاكم الله كل خيرا.

الجواب:

نشكرك على ثقتك بموقعنا ونسأل الله تعالى لنا ولك الثبات على الحق

بالنسبة للقاتل عمدا فإن القصاص لا يسقط عنه إلا إن عفى عنه أولياء المقتول، فيدفع الدية المغلظة، يقول الله تعالى:

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ ‌عُفِيَ ‌لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ، ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ، فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [البقرة: 178]

«يعني أن العفو عن القود (القصاص) يوجب استحقاق الدية، يطالب بها الولي بمعروف، ويؤديها القاتل إليه بإحسان»[1]

فالقصاص هو حق حصري لأولياء المقتول ولا يملك صلاحية العفو عن القاتل غيرهم حتى لو كان خليفة المسلمين أو ملكهم أو القاضي.

وقد منح الله تعالى أولياء المقتول سلطانا للمطالبة بتنفيذ القصاص على القاتل دون أن يسرفوا فيقتلوا غير القاتل كما يفيده قوله تعالى:

﴿وَمَنْ قُتِلَ ‌مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: 33] 

وقد شرع الله تعالى إمكانية أن يعفوا أولياء المقتول عن القاتل من باب توسيع دائرة العفو وإفساح المجال للقاتل لإصلاح ما أفسد، فيدفع الدية ويحسن إلى من عفوا عنه وكانوا سببا في إبقائه على قيد الحياة.

ولا كفارة على القاتل المتعمد، لأن الله تعالى توعده بعذاب جهنم بقوله سبحانه:

﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ [النساء:93] 

ولم يجعل الله تعالى على القاتل عمدا كفارة كالقاتل خطأ؛ لأن الأمر أعظم من تمحوه الكفارة، لكن تلزمه التوبة النصوح ودوام التضرع إلى الله تعالى عسى الله أن يرحمه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  الماوردي، الحاوي الكبير (12/ 6)

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.