حبل الله
الفرق بين نعيم الدنيا وبين نعيم الآخرة

الفرق بين نعيم الدنيا وبين نعيم الآخرة

السؤال: المعاد الجسماني سوف يجعل مرتبة الحياة الآخرة أدنى من الحياة البرزخية، لأن البرزخ بالنسبة للمؤمن ليس فيه طعام ولا شراب وغير ذلك من الملذات المادية؟ 

ونحن في الحياة الدنيا نلاحظ بعض الناس الذين لا يرغبون كثيرا في الملذات الحسية، ونحن حين نكبر نفقد رغبتنا فيها أيضا

من جهة أخرى : المعاد الجسماني سوف يجعل الآخرة عالما ماديا مثل الدنيا ومهما قيل في الجواب سيبقى جوهر المادة والجسمية جهة اشتراك بين الدارين، أليس كذلك؟

الجواب: الحياة البرزخية هي تلك الفترة التي ما بين الموت والبعث، حيث تقرر آيات الكتاب أنها تمر على الميت كيوم أو بعض يوم، ولا يلبث أن يرى نفسه واقفا بين يدي ربه ظانا أنه قد نام لتوه واستيقذ وربما قد مر على موته آلاف السنين، لذا نستطيع القول أن الميت لا يحس ولا يشعر بالزمن لأنه لا حياة فيه. فليس من المنصف أن تقارن الحياة بالموت من أي وجه.

وبالبعث تعود الأرواح إلى الأجساد بعد أن يخلقها الله مرة أخرى على هيئة لا تبلى، وتبدأ الحياة الحقيقية للإنسان، لكنها ليست كحياته الدنيا التي كانت امتحانا قصيرا، بل حياة سرمدية لا نهاية لها، وهي دار جزاء لا عمل.

الآخرة بالنسبة لنا كبشر هي غيب لا نعلم عنها إلا ما أخبرنا الله تعالى به. فالحق المطلق هو ما قال الله وليس ما تخيله الناس أو ما صدر من أقوال الفلاسفة والمفكرين. هناك كثير من آيات القرآن التي تقرر أن الآخرة للمؤمن هي خير من الدنيا من كل وجه [الضحى ٤]، لذا طلب من المؤمن أن يجد ويجتهد في امتحان الدنيا حتى يفوز بالآخرة التي هي خير من الأولى. يقول الله تعالى في نعيم أهل الجنة:

﴿یَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ یَسۡعَىٰ نُورُهُم بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَبِأَیۡمَـٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡیَوۡمَ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۚ ذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ﴾ [الحديد ١٢]

أما عدم الرغبة في الملذات الحسية فمرده واحد من أمرين:

الأول: أن يصاب المرء بمرض جسمي أو نفسي يفقده الشعور بالرغبة في كل شهوات النفس، ومثل هذه الحالة تستحيل على أهل الجنة، لأن مسبب هذه الحالة معدوم، فلا مرض ولا تعب ولا نصب ولا غل ولا حسد، اي أن كل أسباب الأمراض الجسمية والنفسية منعدمة.

يقول الله تعالى:

﴿وَنَزَعۡنَا مَا فِی صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَ ٰ⁠نًا عَلَىٰ سُرُرࣲ مُّتَقَـٰبِلِینَ﴾ [الحجر ٤٧]

﴿ قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَیۡرࣲ مِّن ذَ ٰ⁠لِكُمۡۖ لِلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَا وَأَزۡوَ ٰ⁠جࣱ مُّطَهَّرَةࣱ وَرِضۡوَ ٰ⁠نࣱ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ﴾ [آل عمران ١٥]

وفيما يخص طمأنة أهل الجنة على نعيمهم ومصيرهم يقول تعالى:

﴿لَهُم مَّا یَشَاۤءُونَ فِیهَا وَلَدَیۡنَا مَزِیدࣱ﴾ [ق ٣٥]

﴿لَا فِیهَا غَوۡلࣱ وَلَا هُمۡ عَنۡهَا یُنزَفُونَ﴾ [الصافات ٤٧]

والغول كل ما يؤذي البدن والعقل.

الثاني: فقدان الرغبة في الدنيا زهدا فيها وطمعا في الآخرة، ذلك أن الإنسان إذا وُعد بما يُحب زهد بما بين يديه، وهي حالة يصل إليها الزهاد. ولا ريب أنهم يزهدون في الدنيا لعظيم ما ينتظرونه في الآخرة.

وأخيرا يجدر أن أذكر أن الطمأنينة في الدنيا والفوز بالآخرة له سبيل واحد، وهو العيش وفقا لرسالة الله تعالى الهادفة إلى إسعاد الإنسان في الحياة الدنيا والفوز المبين في الآخرة.

يقول الله تعالى:

﴿إِنَّ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ یَهۡدِی لِلَّتِی هِیَ أَقۡوَمُ وَیُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرࣰا كَبِیرࣰا﴾ [الإسراء ٩]

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.