حبل الله
الظهار

الظهار

السؤال: أنا رجل عصبي غضبت مرة من زوجتي فقلت لها أنت محرمة عليّ كأمي وأخواتي، وقد ذكرت ذلك لأحد العلماء فقال يجب عليك كفارة الظهار، وعلمني كيف ذلك لكني لم أفهم جيدا. أفيدوني بهذا الأمر جزاكم الله خيرا.

الجواب: ما صدر منك يطلق عليه الظهار، وكان العرب قديما يظاهر الرجل من زوجته فيقول لها (أنت عليّ كظهر أمي) فتبقى على ذمته لكنه لا يعاملها معاملة الزوجة أي لا يعاشرها، ولا يخفى ما يلحق بالمرأة من أذى نتيجة إهمالها، فلما جاء الاسلام رفض الظلم كله، وكان لا يزال من يتأثر بسلوك الجاهلية فيظاهر من امرأته ، فقد روت أم المؤمنين عائشة رضى الله عتها أنها سمعت امرأة وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول: يا رسول الله، أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك. فما برحت حتى نزل جبرائيل بهؤلاء الآيات: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله} (المجادلة: 1) “[1]

 وقد نهى الله تعالى الأزواج عن مثل هذا القول واعتبره منكرا من القول وزورا يجب على المسلم أن يجتنبه وأن لا يصدر منه. قال الله تعالى {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (المجادلة، 2).

والظهار إثم يوجب الإستغفار والتوبة. وعلى الزوج أن يباشر بالرجوع إلى زوجته وقبل أن يعود لمعاشرتها لا بد أن يكفر عن ظهاره، لقوله تعالى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} وقد رتب الشرع ذلك على النحو التالي: عليه أن يعتق رقبة أي يحرر عبدا أو أمة من رق العبودية بأن يشتريه ويعتقه. فإن تعذر ذلك بسبب عدم وجود العبيد أو لعدم قدرته على ذلك فعليه أن يصوم شهرين متتاليين لا يفصل بينهما إلا بعذر من مرض أو سفر. فإن لم يقدر على الصيام فعليه أن يطعم ستين مسكينا من أوسط ما يطعم أهله، ويكون ذلك بدعوتهم إلى الطعام، أو بتوزيع الطعام عليهم في بيوتهم.

ما سبق ظاهر من قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (المجادلة، 3_4). وقد وصفت الآية كفارة الظهار بأنها من حدود الله تعالى التي لا يصح تجاوزها، ولذلك على المسلم أن يحذر من الظهار وأن يصون لسانه عن كل قول قبيح.


[1] سنن ابن ماجة، باب الظهار، 2063. كما رواه آخرون وصححه الألباني

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.