حبل الله
التسول من غير حاجة

التسول من غير حاجة

السؤال: يكثر في الأسواق العامة وجود المتسولين، وكثير منهم يمتهن التسول طيلة حياته، ولا شك أن أمثالهم لا يسألون لحاجة وإنما صار هذا عملهم، فما هو حكم الشرع في المتسولين لغير حاجة ؟

الجواب: لا يشك أحد بأن التسول مذموم شرعا وهو مما تمقته الطباع السليمة، وعلى عكسه أثنت الآيات الكريمة؛ أي على التعفف والاستغناء عما في أيدي الناس قدر المستطاع. قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (البقرة:273)

ومن سأل الناس أموالهم ليكثر بها ماله فقد ارتكب إثما عظيما. فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس أموالهم تكثرا، فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر»[1]

ولا تصح المسألة إلا في حالات الضرورة كالفقر المدقع، أو الدَّين المفظع، أو جانحة أفنت ما لديه.

فعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ, قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَعِينُهُ فِي حَمَالَةٍ , فَقَالَ: ” أَقِمْ عِنْدَنَا فَإِمَّا أَنْ نَتْحَمَّلَهَا وَإِمَّا أَنْ نُعِينَكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ عَنْ قَوْمٍ حَمَالَةً فَسَأَلَ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ , وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ أَذْهَبَتْ مَالَهُ فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ , وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ حَاجَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَى أَوْ مِنْ ذَوِي الصَّلَاحِ فِي قَوْمِهِ أَنْ قَدْ حَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ , وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ سُحْتٌ يَأْكُلُهُ صَاحِبُهُ سُحْتًا يَا قَبِيصَةُ “[2]

فإن اجتاحته مصيبة وانقطعت به السبل إلا من السؤال فله ذلك حتى يقضي ما عليه، ويمسك بعد ذلك. فمن سأل وكان محقا فلا ينبغي للمسلم نهره وزجره بل مساعدته ما أمكن لقوله تعالى {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} (الضحى،10).


 

[1] صحيح مسلم، باب كراهية سؤال الناس أموالهم،105 – (1041) وأخرجه ابن أبي شيبة 3/208، وابن ماجه (1838) ، وأبو يعلى (6087)، والطحاوي 2/20، وابن حبان (3393)، والقضاعي في “الشهاب” (525) ، والبيهقي 4/196

[2] الدار قطني، بيان من يجوز له أخذ الصدقة (1995). مسند أحمد، 20601 وأخرجه أبو عبيد في “الأموال” (1722) ، والنسائي 5/89، وابن خزيمة (2359) ، والطبراني في “الكبير” 18/ (948) ، والبغوي (1626) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح 

التعليقات

  • التسول عادة سيئة ومحرجة في الان نفسه وعلى المسؤولين في كل بلد ان يجدوا حلا ناجعا لهذه المعضلة. لقد بات الناس يخشون الذهاب الى اماكن بعينها خوفا من المتسولين

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.