حبل الله
الترحم على من مات على غير ملة الإسلام

الترحم على من مات على غير ملة الإسلام

السائل: محمد السعدي
هل يجوز أن ندعوا بالرحمة لمن مات على غير ملة الإسلام مع العلم أنه قد قدم خدمة جليلة للإنسانية؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
يقول الله تعالى : {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران، 85) فلا يقبل من أحد عملا بدون الإسلام لأنّ الإسلام مفتاح لقبول العمل، والآية التالية تجلي ذلك بوضوح: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} (آل عمران، 91)، هذه الأية توضح أن السبيل إلى الله لا يكون إلا بالإيمان به واتباع خاتم أنبيائه، ولا ينفع دون ذلك مال أو جاه أو سلطان، ومن اجتهد في غير طاعة الله فأجره على ما وقعت نيته عليه، من نيل شهرة أو جمع مال أو غير ذلك.
وقد نهى الله تعالى نبيه عن الصلاة على من مات من المنافقين بقوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} (التوبة،84) وقد يقول شخص إن هذا في المنافقين خاصة، وأقول إن تعليل النهي عن الصلاة عليهم دلّ أن سبب المنع هو كفرهم بقوله تعالى إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم كافرون.
ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر للمنافقين نهاه ربه بقوله تعالى {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (المنافقون، 6)، وربما ظن النبي صلى الله عليه وسلم  أن الإلحاح في الإستغفار لهم  سيكون سببا في المغفرة، إلا أن الله جل شأنه أوضح لنبيه أنه لن يغفر لهم وإن اجتهد النبي لهم بالإستغفار فقال تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (التوبة، 80)
يتبين مما سبق عدم جواز الإستغفار لمن مات على غير ملة الإسلام أو الترحم عليه، ولا بأس من الثناء عليه لما قدم من خير للبشرية اعترافا بفضله في ذلك، كوصفه بأنه عالم أو بطل أو ما إلى ذلك من الأوصاف الدنيوية.
 

التعليقات

  • جزاكم الله خيرا
    مع رجاء ذكر اسم فضيلة الشيخ المجيب على السؤال – وذكر نبذة مختصرة عن دراسته – وذلك ليس خاص بهذا السؤال فقط ولكن أعنى بصفة عامة – حتى يطمئن السائل أن الاجابة على سؤاله تأتى من أهل ذكر – فهناك الكثير من الاجابات على أسئلة تتعلق بالدين يجيب عليها اناس غير متخصصين قد ضلوا ويريدوا أن يضلوا الناس أجمعين – ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم

    • الأخ جلال أحمد حسانين
      السلام عليكم ورحمة الله
      هذا الموقع تابع لمركز بحوث الدين والفطرة/ وقف السليمانية/ اسطنبول. وهو مركز يضم أكثر من 15 من الباحثين المتخصصين بعلوم القرآن والسنة واللغة العربية، يرأس فريق البحث العلمي أ.د عبد العزيز بايندر وهو من العلماء المسلمين البارزين وخاصة في تركيا، والفتاوى التي تنشر على هذا الموقع وكذلك المقالات والبحوث هي نتاج لجهد جماعي يبذله الباحثون.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.