حبل الله
توجيه المؤمنين إلى الحفاظ على الشخصية والاعتصام بالقرآن

توجيه المؤمنين إلى الحفاظ على الشخصية والاعتصام بالقرآن

قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ، وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (آل عمران، 3 / 103)

تعليق واحد

  • أرشدت الآيات السابقة إلى ما يلي:
    1- الحفاظ على الشخصية الإسلامية وتميزها، ورفض تبعتها لغير المسلمين، والتحذير من الإصغاء لمشورتهم، والتفكير العميق في آرائهم، كيلا تؤدي إلى الضرر والشر والفساد، أو الفرقة والخلاف والانقسام.
    2- تحكيم القرآن والسنة فيما قد يقع فيه المسلمون من نزاع أو اختلاف في الرأي، كما قال تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ (الشورى، 42 / 10) فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (النساء، 4 / 59) .
    3- الاعتصام والتمسك بالقرآن وبدين الله تعالى وطاعته، والالتفاف الموحد حول أحكام الله حلالها وحرامها، واجتماع المسلمين على وحدة الهدف والغاية من أجل صون الحرمات والبلاد من عدوان المعتدين فإنه لم يتوافر لأمة مقومات تجمع بين شعوبها وأفرادها مثل ما توافر لأمة الإسلام، وهي الآن مع الأسف أبعد الناس عن اجتماع الكلمة ووحدة الصف والغاية والمنهج، وتلك المقومات واضحة في تلاوة آي القرآن وآثار رسول الله. قال قتادة: في هذه الآية علمان بيّنان: كتاب الله ونبيّ الله فأما نبي الله فقد مضى، وأما كتاب الله فقد أبقاه الله بين أظهرهم رحمة منه ونعمة، فيه حلاله وحرامه، وطاعته ومعصيته.
    4- ليس الاختلاف مذموما إذا كان في مجال مسائل الاجتهاد واستخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع، وما زالت الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متآلفون، ولا فيما كان أثناء تبادل الآراء فيما يحقق مصلحة الأمة بإخلاص، فليس في الآية دليل على تحريم الاختلاف في الجزئيات والفروع، وتقدير المصالح العامة، وإنما الخلاف المذموم هو في اتباع الأهواء والأغراض المختلفة، وما يؤدي إليه من تقاطع وتدابر وتقاتل.
    روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة» وأخرجه أيضا عن ابن عمر بزيادة: «كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي» .
    5- أوجب الله تعالى علينا التّمسك بكتابه وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم والرّجوع إليهما عند الاختلاف، وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسّنة اعتقادا وعملا، وذلك سبب اتّفاق الكلمة، وانتظام الشّتات الذي يتمّ به مصالح الدّنيا والدّين، والسّلامة من الاختلاف، كما بيّنا. وقرن ذلك بأمره تعالى بتذكّر نعمه وأعظمها الإسلام واتّباع نبيّه محمد عليه الصّلاة والسّلام، فإن به زالت العداوة والفرقة، وكانت المحبّة والألفة.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.