حبل الله
متعة الطلاق ومهر غير المدخول بها

متعة الطلاق ومهر غير المدخول بها

قال الله تعالى: «لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ، وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (سورة البقرة، 2 / 236)

التعليقات

  • متعة الطلاق ومهر غير المدخول بها
    لم يهمل الإسلام جانبا من جوانب الحياة الزوجية، وإنما قرر لها أحكاما شرعية معينة، سواء في حال التفاهم والتوادد أم في حال النفرة والتباعد، إبقاء على المودة والمحبة بين الناس، وتخفيفا لأثر الفرقة والخصام، فالحب ينبغي أن يكون معتدلا متزنا لا طيش فيه، ولا تهور، والكراهية أو البغضاء يلزم أن تكون مؤقتة غير منفرة، وفيها تسامح وتساهل، لا تشديد ولا تنفير، ولا تقاطع ولا تدابر.
    وفي هذا الجو من الاعتدال في الحب والفراق، قرر الشرع ما يسمى بمتعة الطلاق أي الهدية التي يقدمها الرجل لامرأته بعد طلاقها، وكانت تقدر بثلاثة دنانير أو بثلاثين درهما، وهي عبارة عن كسوة كاملة: قميص داخلي- وخمار رأس وملحفة أي الثوب الظاهري، ويمتّع كل إنسان على قدره وبحسب ثرائه أو يساره وتوسطه وإعساره، هذا بثوب، وهذا بنفقة، وقد متّع الحسن بن علي رضي الله عنهما بعشرين
    ألفا وزقاق من عسل، ومتّع شريح القاضي التابعي بخمس مائة درهم، فهي إذن تتم باتفاق الزوجين على حسب قدرتهما، فإن اختلفا قدّرها القاضي، وتكون المتعة تطييبا لنفس المرأة المطلقة، وجبرا لخاطرها.
    وتستحب المتعة لسائر المطلقات بالوجه الذي يحسن في الشرع والمروءة، وهذا الحق على الذين يحسنون المعاملة، وينظرون إلى المستقبل لتحسين السمعة والعلاقة، قال الله تعالى: “وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ”
    وتجب المتعة للمرأة التي لم يسم لها شيء من الصداق (المهر) فتحل المتعة محلّ ما كان ينبغي تحديده وتسميته للمرأة التي طلقت قبل الدخول، وقد أجمع العلماء على أن التي لم يفرض لها مهر ولم يدخل بها، لا شيء لها غير المتعة، قال الله تعالى: «لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ» (سورة البقرة، 2 / 236)
    نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار تزوج امرأة، ولم يسم لها صداقا، ثم طلقها قبل أن يمسها، فقال له صلّى الله عليه وسلم: (متعها ولو بقلنسوتك).
    وسبب المتعة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن التزوج لمعنى الذوق وتحقيق مآرب النفس، فقال فيما يرويه الطبراني عن أبي موسى: (تزوجوا ولا تطلقوا، فإن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات) . وأمر النبي بالتزوج لطلب العفة والعصمة، والتماس ثواب الله، وقصد دوام الصحبة، فظن صلحاء المؤمنين أن الطلاق موقع في الإثم، فنزلت هذه الآية ترفع الحرج عن المطلّق قبل الدخول.
    أما المرأة التي سمي لها مهر في عقد الزواج، وقد طلقت قبل الدخول، فالواجب لها نصف المهر، تأخذه في كل حال، إلا إذا عفت المرأة المطلقة عن ذلك وأسقطت حقها، أو عفا وليها الذي بيده عقدة النكاح عن هذا الواجب، والعفو أقرب للتقوى، وعلى الرجل والمرأة إحسان المعاملة، وهما مندوبان إلى المجاملة، فلا ينسى الناس الفضل بينهم بالإحسان والعفو، قال مجاهد: الفضل إتمام الزوج الصداق كله، أو ترك المرأة النصف الذي لها، والله بصير بأعمال العباد، فيجازي كلا على حسب نيته وعمله، قال الله تعالى: «وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (سورة البقرة، 2 / 237).

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.