حبل الله
حول الآية 34 من سورة الأحزاب

حول الآية 34 من سورة الأحزاب

السؤال:

ما معنى قوله تعالى: ﴿‌وَاذْكُرْنَ ‌مَا ‌يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب: 34] 

هل هناك آيات قرآنية نزلت لا يعرفها غيرهن؟ وهل نزل جبريل في غرف غير حجرة عائشة؟

الجواب:

  1. معنى الكتاب والحكمة

قال الله تعالى مخاطبا أمهات المؤمنين رضي الله عنهن:

﴿‌وَاذْكُرْنَ ‌مَا ‌يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب: 34] 

آيات الله: المقصود بها القرآن الكريم الذي كان يتنزل أو يُتلى في بيوت أمهات المؤمنين، بحكم أن النبي ﷺ كان يعيش معهن، فكان بعض آيات الكتاب تزل عليه وهو في بيوتهن، وكثيرا ما كن يسمعنه وهو يقرأ القرآن ويتدبره.

الحكمة: هي الأحكام والمواعظ والعبر التي تضمنها القرآن الكريم، والتي ظهرت في أقوال النبي ﷺ وأفعاله وتوجيهاته المتعلقة بتطبيق القرآن ، فهي الأحكام الصحيحة المستخرجة منه.

وقد أنزل الله تعالى الكتاب والحكمة على كلِّ الأنبياء كما أورده قوله تعالى:

﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ، قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي، قَالُوا أَقْرَرْنَا، قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: 81]

فالحكمة هي روح الكتاب ومقصده، حيث يمكن الوصول إليها عبر الأصول التي بيَّنها اللهُ تعالى في كتابه، ومن هذه الأصول ردُّ المحكم إلى المتشابه ، وملاحظة المناسبات بين الآيات، ومراعاة قواعد اللغة العربية، والنَّظر في تطبيقات النَّبيِّ باعتباره القدوة الحسنة، فكلُّ ذلك يقود إلى الحكمة، فما أن يصلَ الإنسانُ إليها ويمتثلَها ويأخذَ بها حتى تستقيم حياتُه وتنجلي أفكارُه. جاء في دعاء إبراهيم عليه السلام لأهل مكة:

﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: 129]

وقد استجاب الله دعاء إبراهيم وبعث نبيَّه الخاتمَ فيهم، وقد ذكر الله منَّته عليهم بقوله:

﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عمران: 164]

فالحكمة ليست شيئا منفصلا عن الكتاب، وإنَّما نزلَ الكتابُ مشتملا عليها، وقد علَّمها جبريلُ نبيَّنا، كما علَّمها نبيُّنا لأصحابه، وظهرت بأقواله وأفعاله، فكان _حقا_ الأسوة الحسنة في تعلُّمها وتعلِيمها وتطبيقها.

وفي الآية 34 من سورة الأحزاب يأمر الله تعالى أمهات المؤمنين أن يتذكَّرن ويعملن بما يسمعن من القرآن والحكمة في بيوتهن، ويبلغن ذلك للناس، فيكون لهن شرف خاص بأن بيوتهن كانت محضنًا للوحي.

  1. هل هناك آيات نزلت لا يعرفها غيرهن؟

الجواب: لا، ذلك أن كل آية نزلت محفوظة في القرآن ولم تُخفَ، وقد كان نبينا الكريم يبلغ للناس ما ينزل عليه من القرآن امتثالا لأمر ربه:

﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ ‌بَلِّغْ ‌مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ، وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67] 

لكن قد يكون نزول بعض الآيات حصل في بيوت أمهات المؤمنين، فشهدن لحظة النزول، وهذا فضيلة خاصة بهن. أما مضمون الآيات فهو للأمة كلها، وليس هناك آيات بقيت سرًّا لا يعرفها إلا زوجات النبي ﷺ.

  1. هل نزل جبريل في بيوت غير حجرة عائشة؟

نعم. فجبريل عليه السلام كان ينزل على النبي ﷺ في بيوت سائر زوجاته، مثل حفصة وأم سلمة وغيرهن، لكن حجرة عائشة رضي الله عنها كانت لها خصوصية؛ لطول مدة زواجه من عائشة، فكان من الطبيعي أن تشهد حجرتها نزول القرآن أكثر من غيرها من نسائه عليه الصلاة والسلام.

*وللمزيد حول هذا الموضوع ننصح بالاطلاع على المقالات التالية:

الكتاب والحكمة

الكتاب والسنة أم الكتاب والحكمة

أزواج النبي؛ أهل بيته وأمهات المؤمنين

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.