حبل الله
قتل الخضر للغلام وعلاقة ذلك بعلم الله تعالى بأفعال العباد منذ الأزل

قتل الخضر للغلام وعلاقة ذلك بعلم الله تعالى بأفعال العباد منذ الأزل

السؤال:

كنتم قد ذكرتم عن عدم معرفة الله تعالى لأفعال العباد منذ الأزل لأنه سينافي مبدأ الاختبار حينها، فماذا عن الطفل الذي قُتل خشية إرهاق والديه بكفره؟
فكيف عُلِمَ كفره ولماذا قد ذكرت الآية الخشية أي هل تعني هنا عدم اليقين؟
وإذا كان كافراً عند كبره فهل سيدخل الجنة لأنه قتل قبل أن يكبر؟
جزيتم خيراً.

الجواب:

الآية المتعلقة بالسؤال هي قوله تعالى:

﴿وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ‌فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ [الكهف: 80] 

هذه الآية احتج بها علماء الكلام على علم الله تعالى الأزلي بأفعال العباد، والحق أن الآية لا تدل على ذلك، لأننا عندما نتأمل هذه الآية مع الآيات التي تليها، يتبين أن الغلام كان يعاني من مشكلة في النمو ربما تدفع أمه وأباه إلى العصيان. فالخشية ليس من كفر الغلام وإنما من كفر والديه الذين علم الله تعالى منهما ضجرا بسببه.

فعبارة “فخشينا” التي تدل على التوقع لا على مطلق الحدوث قد صدرت من الخضر الذي لم يقل هذه الكلمة من تلقاء نفسه، بل هي كلمة الله، وقد نفهم ذلك بوضوح من الآيتين اللاحقتين (الكهف 81- 82). وبما أن هذا اللفظ عائد لله تعالى، فهذه الآية دليل على خطأ الفهم التقليدي للقدر، الذي يقوم على أن أفعال العباد مقدرة ومكتوبة منذ الأزل.

لقد أراد الله تعالى أن يبدل والدي الغلام بولد أطهر خلقا وأقرب رحما.

إن موت الغلام قبل البلوغ يصب في مصلحته أيضا، لأن الأطفال الذين يموتون قبل البلوغ يذهبون إلى الجنة ويكونون برفقة ذويهم (الطور 21-24).

وقول الذي رافقه موسى بعد بيانه تأويل أفعاله (وما فعلته عن أمري) يبين أنه ملك مرسل من الله تعالى لإعطاء موسى عليه السلام دروسا في التأويل والصبر.

وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن الموصوف بالعبد في آيات الكهف 65 – 82 هو الخضر[1]، وهذه الآية تبين أن الخضر ليس إنسانا، بل هو ملك، لأنه قال إنه لم يفعل تلك الأشياء بإرادته، بل بأمر الله. وقد بينت آيات عديدة أن الله تعالى يوكل الملائكة بمهام مختلفة (مريم 64، الدخان 3-6).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  البخاري، العلم 16، 44، مسلم، الفضائل 170-174

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.