حبل الله
كيف نفهم الأحاديث المتعلقة بحداد المرأة على زوجها؟

كيف نفهم الأحاديث المتعلقة بحداد المرأة على زوجها؟

السؤال:

كتبتم في إحدى إجابتكم أن أحاديث الحداد غير صحيحة، فهل يمكن أن تبينوا لي ضعفها خصوصا الحديثين التاليين:

“عن ‌زينب بنت أم سلمة، عن ‌أمها : «أن امرأة توفي زوجها فخشوا عينيها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنوه في الكحل، فقال: لا تكحل قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها أو شر بيتها، فإذا كان حول فمر كلب رمت ببعرة فلا حتى تمضي أربعة أشهر وعشرا”

“عن زينب بنت أبي سلمة قالت: تُوُفِّيَ حَمِيْمٌ لأم حبيبة، فدعت بصُفْرَةٍ، فَمَسحَتْ بذراعيها، فقالت: إنما أصنع هذا؛ لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج: أربعة أشهر وعشرًا”

و شكرا لكم

الجواب:

الحديث الأول لا يوافق القرآن الكريم من وجهين:

الأول: أن القرآن لم يفرض على المعتدة سوى انتظار انتهاء العدة لتتمكن من الزواج:

﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ ‌أَزْوَاجًا ‌يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 234] 

وقوله تعالى “فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ” يبين الذي كان يحرم عليها فترة العدة، وهو الزواج، فإن انقضت العدة يحل لها ذلك.

الثاني: أن المرأة في الحديث طلبت الكحل كعلاج لعينيها وليس للزينة، ولو افترضنا أن النبي عليه السلام نهى عن الاكتحال الذي هو للزينة فلا يمكن أن ينهى عن الاكتحال بقصد العلاج،

يقول أبو عبد الله بن أبى صفرة: “أن النبي (صلى الله عليه وسلم) إنما نهى عن الطيب والزينة في العدة قطعًا للذرائع؛ لأن ذلك من دواعي التزويج التي منعت منه حتى تخرج من العدة احتياطًا للميت، إذ قد زالت مراعاته لها، لكن إذا دخلت على الناس المشقة من قطعها رفعت عنهم، ودلت إباحته، عليه السلام، للكحل بالليل[1]، أن نهيه عنه في الحديث الآخر ليس على وجه التحريم، وإنما هو على الكراهية”[2]

أما الحديث الثاني فإنه يتكلم عن العدة التي أمر الله تعالى بها في كتابه، والمرأة تزينت بما يعد إظهارا للرغبة بالزواج في عرف زمانها، فلو كان الميت زوجها لما صح لها تلك الزينة إلا بعد انقضاء عدتها منه.

*أنصحك بالاطلاع على المقالة المرفقة في الرباط أدناه التي توضح معيار اعتبار الأحاديث حجة https://www.hablullah.com/?p=5191

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  هناك أحاديث دلت على إباحة الكحل في الليل لأن المرأة المعتدة حينئذ لا يراها الرجال، فدل هذا الحديث أن اكتحال المرأة المعتدة في عرف ذلك الزمان كان دليلا على رغبتها بالزواج لهذا نهى عنه النبي في النهار. ونص الحديث كما يلي:

“أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة، وهي حاد على أبي سلمة، وقد جعلت على ‌عينيها ‌صبرا، فقال: ” ما هذا يا أم سلمة؟ فقالت: إنما هو صبر يا رسول الله، قال: «اجعليه في الليل وامسحيه بالنهار»”. موطأ مالك – رواية يحيى-  ت عبد الباقي (2/ 600)

[2]  شرح صحيح البخاري – ابن بطال (7/ 510)

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.