حبل الله
وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت

وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت

السؤال:

يقول الله تعالى ﴿‌إِنَّ ‌اللَّهَ ‌عِنْدَهُ ‌عِلْمُ ‌السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: 34] 

ما معنى (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت) أقصد معناها المتوافق مع أن الله جل جلاله اختار عدم علم أفعال العباد؟ ولكم مني جزيل الشكر والاحترام.

الجواب:

في الآية موضع التساؤل نفي أن يكون الإنسان قادرا على معرفة ما سيحصل له في المستقبل على وجه اليقين، وهذا لا يعارض أنه يستطيع توقع ما سيحصل وما سيكسب، لكن هذا التوقع يبقى في إطار الظن لا اليقين، فالآية تنفي اليقين لا الاحتمال والظن.

والآية عندما نفت أن يكون الإنسان عالما بما يحصل معه في الغد لم تفد بأن الله تعالى يعلم ما سيفعل العبد غدا، فإن ما سيفعله بمحض إرادته هو جزء من الامتحان حيث اختار سبحانه أن لا يعلم أفعال العباد مسبقا ليجري الامتحان في بيئة حرة. ويصدق هذا قوله تعالى:

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ‌وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: 142] 

﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ‌وَلِيَعْلَمَ ‌اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحديد: 25] 

*ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول الموضوع ننصح بالاطلاع على المقالتين التاليتين:

معركة بدر والقدر  https://www.hablullah.com/?p=5206

القدر = المقياس  https://www.hablullah.com/?p=1395

أما متى يموت الإنسان فهو مما استأثره الله تعالى بعلمه المسبق، إذ إنه سبحانه يعلم متى يخلق المرء ومتى يموت:

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى ‌أَجَلًا ‌وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ﴾ [الأنعام: 2] 

هذا بالتأكيد إن مات في أجله المسمى، لكن الإنسان قد يتعرض لحوادث قاتلة فيموت قبل أجله المسمى، وهو ما أشار إليه قوله تعالى:

﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا، وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ، وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا ‌يُنْقَصُ ‌مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [فاطر: 11] 

بحسب الآية فإن الإنسان إما أن يعيش إلى أجله المسمى وإما أن يعيش إلى ما دون ذلك إن تعرض للحوادث المميتة، وهو المشار إليه في قوله تعالى (وَلَا ‌يُنْقَصُ ‌مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ) أي يكتب أنه مات في أجله الجديد الذي هو دون أجله المسمى.

*ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول موضوع الأجل ننصح بالاطلاع على المقالتين التاليتين:

كتابة الأجل  https://www.hablullah.com/?p=2549

نقصان الأجل  https://www.hablullah.com/?p=1576

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.