حبل الله
تفسير وجود قيم وتشريعات مشتركة بين الإسلام والديانات السابقة

تفسير وجود قيم وتشريعات مشتركة بين الإسلام والديانات السابقة

السؤال:

لماذا وجدت أديان غير سماوية؟ وما الذي يجعل بعض تعاليمها مشابهه لتعاليم الإسلام، فمثلا الديانة المصرية القديمة كان الزنا محرما وهذا يظهر من قصه يوسف مع امرأة العزيز فظهر أنه أمر غير مرغوب فيه، فلا يجوز علاقه أم بولدها حتى وإن كان في التبني، وهم كانوا غير مسلمين طبعا، وبالرغم من المحاولة فقط إلا أن امرأة العزيز صارت حديث النساء، وهناك أمثله كثيرة أخرى تتشابه فيها القوانين والقيم القديمة مع تشريعات الإسلام؟.

الجواب:

كل الأديان التي يدين بها البشر لها أصول سماوية، وما يؤكد ذلك قوله تعالى:

﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ ‌إِلَّا ‌خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ. وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ [فاطر: 24-25] 

لكن أعداء الرسالة يحاولون جاهدين لتحريفها بعد عجزهم عن إلغائها كليا، وهو ما عبرت عنه الآيتان التاليتان:

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا ‌لِكُلِّ ‌نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام: 112] 

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا ‌لِكُلِّ ‌نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان: 31] 

كما أن تطاول الزمن كان عاملا في دخول التحريف والتغيير عليها فصارت كما نرى، وبالرغم من ذلك إلا أن وحدة الأصل هي ما تفسر وجود قيم وتشريعات صحيحة لدى منتسبي تلك الديانات. يقول الله تعالى:

﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا ‌وَصَّى ‌بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ. وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ﴾ [الشورى: 13-14] 

فالدين الذي أنزله الله تعالى إلى البشر منذ أولهم هو واحد، وبالرغم من التغييرات التي طرأت على الديانات السابقة بسبب التحريف والنسيان إلا أن هذا لم يمنع أن نجد فيها بعض التشريعات والقيم التي ما زالت صحيحة.

وينبغي التنويه أيضا إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها التي تدعو الإنسان إلى التزام الفضيلة والبعد عن الرذيلة، قال الله تعالى:

﴿‌وَنَفْسٍ ‌وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7-8] 

فالقيم الصحيحة وكذا التشريعات المتوافقة مع الإسلام التي نجدها في موروث الديانات السابقة ما هو إلا المتبقي من رسالة الله تعالى إليهم وهو ما يعبر أيضا عن التزامهم بالقيم التي تدعو إليها الفطرة.

وقد وصف الله تعالى دينه بأنه الفطرة في الآية التالية:

﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ‌فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: 30] 

*وللمزيد حول الموضوع ننصح بالاطلاع على المقالتين التاليتين:

موقف القرآن من الكتب السابقة  https://www.hablullah.com/?p=2500

كيف يصدق القرآن الكتب السابقة بالرغم من تحريف بعض محتوياتها؟  https://www.hablullah.com/?p=7893

 

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.