حبل الله
دلالة قوله تعالى (فينظر كيف تعملون)

دلالة قوله تعالى (فينظر كيف تعملون)

السؤال:

أنا بحمد الله تعالى سلفي المعتقد ، وأدعو الناس إلى التوحيد ، وعندي سؤال ، وهو نحن نعلم يقينا أن الله أحاط بكل شيء علما وهو يعلم ما كان وما يكون ومالم يكن وإذا كان كيف يكون. ولكن لدي شيء لا أدري أهو صحيح أم لا ؟ أنا أرى أن الله تبارك وتعالى لم ير أعمالنا ، بخلاف علمه سبحانه وتعالى، إذا وقع الفعل بعد ذلك يراه وبخلاف علمه تبارك وتعالى. وإني قلت ذلك لأدلة كثيرة، وقد ذكر الله تعالى كلمة توحي بما أقوله وهي ﴿فَيَنْظُرَ ‌كَيْفَ ‌تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 129]  وأشباه هذا اللفظ لذلك أرى أن الله لم ير أعمالنا إلا بعد وقوعها لذلك إذا لم نقل ذلك فيرجح قول من يقول نحن مسيرون ولسنا مخيرين جزاكم الله خيرا ، أجيبوني جزاكم الله خير الجزاء

الجواب:

جزاكم الله خيرا وبصركم الحق وهداكم وإيانا إلى ما يحب ويرضى. وبعد:

ينبغي أن تكون عقيدة المسلم مستمدة من كتاب الله تعالى، فيقف عند نصوص الكتاب فيما تقرر من حقائق الإيمان، ومن ذلك أن الله تعالى لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ولا يوجد آية قرآنية تقول بأن الله تعالى يعلم ما سيقوم به الإنسان سلفا، بل هناك آيات يُفهم منها العكس، منها قوله تعالى:

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ (محمد 47/ 31)

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران 3/ 142)

﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا ‌لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ (البقرة 2/143)

﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ‌وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ (آل عمران 3/140)

نفهم من مجموع الآيات أن الله تعالى اختار أن لا يعلم أفعال المكلفين مسبقا، لأن ذلك من ضرورات نزاهة الامتحان، فعدم علمه سبحانه بأفعال المكلفين سلفا لا يدل على قصور علمه سبحانه و (حاشاه) بل على مشيئته بجعل الإنسان مكلفا ومسؤولا عن أعماله.

وقوله تعالى ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ ‌كَيْفَ ‌تَعْمَلُونَ﴾ (يونس 10/14)  دليل على علمه بالفعل عند وقوعه، لأن الآيات التي سقناها آنفا تدل على أن علم الله تعالى بأفعال المكلفين يتحقق عند صدور تلك الأفعال منهم.

وأما القول بعلم الله تعالى المسبق بأفعال المكلفين فسيؤدي إلى القول بأن البشر مسيرون لا مخيرون، وهذا يبطل مفهوم التكليف من أساسه، ويجعل من تنزيل الشريعة على البشر لا لزوم له وأنه من باب العبث، (تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا).

*للمزيد من التفاصيل حول الموضوع ننصح بقراءة مقالتي أ.د عبد العزيز بايندر التاليتين:

(معركة بدر والقدر ) على الرابط التالي  https://www.hablullah.com/?p=5206

(كتابة الأجل) على هذا الرابط https://www.hablullah.com/?p=2549

 

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.