حبل الله
الكلام البذيء في نهار رمضان

الكلام البذيء في نهار رمضان

السؤال:

هل الكلام البذيء والسباب والشتائم تبطل الصيام؟

الجواب:

الصوم هو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس بنية التعبد لله تعالى. هذا هو حد الصيام، ولا يبطل الصيام إلا بالطعام أو الشراب أو الجماع وما كان في معناها.

أما الأقوال القبيحة من السباب والشتائم والصراخ وغيره مما يسيء فإنه يأثم صاحبه، ويحط من أجره، وهذا منهي عنه في كل الأوقات، ويزداد التأكيد على النهي في حال الصيام؛ لأنه من المفترض أن تزداد أخلاق المسلم حسنا لا قبحا استجابة لأمر الله تعالى بقوله:

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ ‌حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83] 

وقد أثنى الله تعالى على المؤمنين الذين يبتعدون عن اللغو (الكلام الذي لا فائدة منه) بقوله سبحانه:

﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ ‌اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 3] 

فإن كان اللغو لا يناسب أخلاق المؤمن فكيف بالكلام البذيء؟

ولذلك استنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من يقول الزور أثناء صيامه بقوله: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )[1] وفي الحديث تأكيد على الغاية من العبادة وهي التقرب إلى الله تعالى وليس تحقيق النفع له سبحانه، فهو الغني عن العباد.

وبناء على ذلك صدر التوجيه النبوي الكريم للصائمين بالمحافظة على ألسنتهم من كل قول سوء أو المشاركة في الصخب والمراء بقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم )[2]  والحديث يدعو المسلم إلى الامتناع عن الأقوال السيئة حتى لو تعرض إلى ما يغضبه من تصرفات الآخرين وأقوالهم، وفيه التأكيد على تميز المسلم بأخلاقه وثقافته العالية وعدم انجراره وراء ما يستفزه. والحديث تأكيد لقوله تعالى في وصف عباده المؤمنين:

﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ ‌يَمْشُونَ ‌عَلَى ‌الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63] 

 


[1] أخرجه البخارى (5/2251 ، رقم 5710) ، وأحمد (2/443 ، رقم 9717) ، وأبو داود (2/307 ، رقم 2362) ، والترمذى (3/87 ، رقم 707)

[2] رواه مالك (1/310 ، رقم 682) ، والبخارى (2/673 ، رقم 1805) ، ومسلم (2/806 ، رقم 1151) وأبو داود (2/307 ، رقم 2363) وابن ماجه (1/539 ، رقم 1691) وابن حبان (8/258 ، رقم 3482)

التعليقات

  • السلام عليكم
    أحيانا عندما أكون بصدد القراءة في الصلاة أتكلم بكلام بذيء في سرِّي، فما حكم هذا؟ وماذا أفعل للتخلُّص من هذه العادة؟

    • فرض الله تعالى على النَّاس الصَّلاة لدوام ذكره، ومعنى الذِّكر استحضار ما كمن في القلب من تعظيم الله تعالى وحقِّه على العبد، قال الله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (طه 14) فإن تحقَّق ذلك خشع المؤمن في صلاته. والخشوع مطلوبٌ في الصَّلاة ما استطاع المسلم إليه سبيلا، وقد أثنى الله تعالى على المؤمنين الخاشعين في صلاتهم، بقوله {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (المؤمنون، 1-2). والخشوع: هيئة في النفس يظهر أثرها في القلب سكينة وفي الجوارح سكونا.

      إذا ذُكر الله تعالى في الصلاة كما ينبغي تحقَّق الخشوع، وإن تحقَّق الخشوع تركت الصلاةُ في نفس المؤمن سكينة وطمأنينة يمتدّ أثرها على كامل تصرفاته في حياته العامة والخاصَّة بدليل قوله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (العنكبوت، 45)

      وليس المقصود من الصلاة أداء الحركات مجرَّدة عن الذِّكر والخشوع، لأنها تتحول بذلك إلى عبء على صاحبها يؤدِّيها ليزيح حملا عن كاهله، لذا وصفها سبحانه بالثَّقيلة على من لا يخشعون فيها. قال تعالى {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ). (البقرة، 45)

      ما يخطر على البال من الألفاظ السيئة غير المقصودة أو الأفكار الشِّريرة إنَّما هي من نزغ الشَّيطان، وقد أرشدنا ربُنا سبحانه إلى الاستعاذة بالله من الشيطان عند ذلك. والاشتغال بالذِّكر والعمل على فهم ما نقرأ يؤدي إلى التخلص من نزغ الشيطان ووسواسه، كما جاء في قوله تعالى {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (الأعراف، 200-201)

    • قذف المحصنات موجب للحد لكنه لا يبطل الصيام، لكن القذف ينقص من أجر الصيام كغيره من المحرمات التي يأتيها الصائم

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.