حبل الله
التداوي بشرب الخمرة

التداوي بشرب الخمرة

السؤال: يزعم بعض الناس أن شرب الخمرة مفيد لعلاج بعض الأمراض، وعلى فرض صحة ذلك فما هو الحكم الشرعي في تناولها كعلاج وليس لمجرد الشرب؟

الجواب: من المعروف أن شرب الخمرة حرام، وقد ورد تحريمها في القرآن والسنة ولم يكن النهي عن شربها فحسب، بل أمر باجتنابها؛ لأنها أم الخبائث، ولا يُعقل أن يكون العلاج في خبيث حرمه الله تعالى، وعلى فرض وجود تأثير إيجابي للخمرة لعلاج مرض ما، إلا أنها تضر في جوانب أخرى قطعا، وهي مما غلب شرُه خيرَه. ومن يروجون لكون الخمرة تفيد في علاج بعض الأمراض فإنهم يتغافلون حقيقة مضارها الفادحة في جوانب أخرى، ولذلك لا ينبغي للمسلم الإنجرار وراء كل كلام موهوم.

 وينبغي التنبيه أنه يحرم التداوي بشرب الخمر أو أي من الخبائث التي حرمها الله تعالى، فقد قال في وصف رسوله الخاتم {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (الأعراف، 157) وقد روى أبو الدرداء رضي الله عنه قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله تعالى أنزل الدواء وأنزل الداء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام »[1].

 وعن وائل بن حجر: «أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال: إنه ليس بدواء ولكنه داء »[2].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث»[3].

 وذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم»[4].

وقد أباح قوم التداوي بشرب الخمرة قياسا على أكل الميتة والدم بالنسبة للمضطر، وهو قياس مع الفارق الكبير ومن يتأمل الفرق يدرك فساد القياس من وجهين:

الأول: النصوص صريحة في النهي عن التداوي بالخبائث، مصرحة بتحريم التداوي بالخمر، إذ هي أم الخبائث وجماع الإثم، وبالمقابل فإن النصوص الشرعية تنص صراحة على جواز الأكل من الميتة في حالة الضرورة.

 الثاني: إنّ أكل الميتة والدم تزول به الضرورة، ويحفظ الرمق، ولا سبيل لحفظ النفس إلا به، أما شرب الخمر للتداوي فلا يتعين إزالة المرض به، فهو محتمل، وخاصة مع القدرة على البحث عن غيره. بل أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه داء وليس بدواء.

 


[1] سنن أبي داود، الطب، رقم الحديث (3874)

[2] صحيح مسلم، الأشربة، رقم الحديث (1984) ، سنن الترمذي، الطب، رقم الحديث (2046) ، سنن أبي داود، الطب، رقم الحديث (3873) ، مسند أحمد بن حنبل (6/399)

[3] سنن الترمذي، الطب، رقم الحديث (2045) ، سنن أبي داود، الطب، رقم الحديث (3870) ، سنن ابن ماجه، الطب ، رقم الحديث (3459) ، مسند أحمد بن حنبل (2/446)

[4] صحيح البخاري، باب شراب الحلواء والعسل، موقوفا على ابن مسعود، وقد رواه أبو حاتم وابن حبان مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.