حبل الله
أصولنا في تفسير القرآن الكريم

أصولنا في تفسير القرآن الكريم

أصولنا في تفسير القرآن الكريم
قال الله تعالى : "تلك آيات الكتاب المبين" (يوسف،21/2؛ لحجر،15/1 ؛ شورى،26/2  ؛ قصص،28/2 ؛ الدخان،44/2). هذه الآية قد افتتحت بها كثير من سور القرآن الكريم. و في آية أخرى قال الله تعالى: "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" (النحل، 16/89).
فالقرآن الكريم مبين من الله تعالى للناس وهو يشبه بسطه الرزق لعباده . يقول الله تعالى: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ" (الروم ، 30/40).
الرزق: هو كل ما يتمتع به الإنسان من مأكل، ومشرب، ومسكن، ومطر، وعلم. طالما نحتاج إلى بذل جهد كبير للحصول على  ضروريات الحياة، إلا القليل فنحصل عليها بالسهولة. فترى مثلا؛كم نبذل من الجهد لتأتي قطعة الخبز إلى المائدة! من الزراعة والحصاد وغير ذلك من الأعمال الازمة. والله خلق البذور، والتراب، والماء، والشمس، وبالتالي أنه خلق كل ما نحتاج إليه في الحصول على الرزق. ويبقى للإنسان القيام بترتيب الأمور للحصول على الرزق. يقول الله تعالى: "إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً " (الإسراء ، 17/30).
والإستفادة من القرآن الكريم مثل الإستفادة مما بسط الله تعالى من أسباب الرزق. وكثير من الآيات لا تحتاج إلى التفسير. غير أننا نحتاج إلى بذل جهد وافر للوصول إلى معاني بعض الآيات. وقد تكفل الله تعالى ببيان القرآن حيث وضح طريقة الوصول إلى كيفية تفسيرالآيات. قول الله تعالى: "لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ" (القيامة، 75/16-19)
و يعرف القرآن الكريم عند العامة؛ أنه كتاب ديني يضع أحكاما محدودة فيما يتعلق بالعقائد، والعبادات، والأخلاق، بيد أن الآيات التي تتعلق بتلك الأحكام لا تتجاوز الألف، مع أن كل واحدة من تلك الآيات قد تتعلق بمواضع أخرى. ومن الخطأ تحديد القرآن بحدودة معينة بعد أن بين الله تعالى أنه قد بين فيه كل شيء. "ما فرطنا في الكتاب من شيء".
وللوصول إلى تفسير القرآن الكريم لا بد من معرفة المناسبات والروابط بين الآيات، وهي تشبه مناسبة الأرقام فيما بينها، هناك أرقام من صفر إلى تسعة، وتتم كل ما نريد من الحسابات والاحصائيات بهذه الأرقام. ويمكن للإنسان الحساب بهذه الأرقام على قدر معرفته المناسبات فيما بين تلك الأرقام. فالبعض قد يعرف على قدر ما يحتاج إليه من الحسابات اليومية من شراء المستلزمات المعيشية؛ والبعض الآخر قد يكون عندهم معرفة أوسع بحيث يستعمل الحاسوب الآلي، والتقنيات الفضائية وما إلى ذلك من التطورات الحديثة. وبالتالي أن في استطاعة كل إنسان أن يستفيد من تلك الأرقام على قدر معرفته الشخصية. وكذلك الاستفادة من القرآن الكريم؛ حيث أن البعض يقرأ القرآن الكريم  من أجل الثواب فقط، وقد سماهم القرآن بـ ال «أميين».[1] وعند البعض الآخر ملكة تبلغهم إلى معرفة التفسير والبيان، وهم يسمون بـ «الراسخون في العلم».
وعلى سبيل المثال: الذي عنده علم من الكتاب في عهد سليمان عليه الصلاة والسلام جاء بعرش بلقيس من اليمن إلى القدس بطرفة عين. وكان سليمان عليه الصلاة والسلام يعرف منطق الطير، وكان له سلطنة يحكم بها على الجيش المكون من الطير، والجن، ومن غيرهم . وقد خرجت بلقيس من اليمن إلى القدس مستسلمة لسليمان عليه الصلاة والسلام بعد أن عرفت عدم قدرتها في المقاومة لجيش سليمان، وكان لها عرش عظيم، وحينما عرف سليمان عليه الصلاة والسلام أن بلقيس في الطريق إليه ، جمع الملأ وقال لهم: «.. يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ . قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ » (النمل،17/38-40).
والذي جاء بالعرش استمد علمه من التوراة، لأنه كان لدى نبي من أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى وهو سليمان عليه الصلاة والسلام، فلا يمكن أن يفهم من «الكتاب» غير « التوراة».
والتعبير بـ «الذي عنده علم من الكتاب» بدل التعبير بـ «الذي يعرف الكتاب» مهم للغاية؛ إذ لا يلزم معرفته للكتاب كله، بل كان كافيا أن يعرف الآيات المتعلقة باختصاصه، وهي معرفة الاتيان بالأشياء البعيدة. واليوم هناك محاولة في استشعاع الأشياء، (محاولة ارسال الأشياء باستعمال قوة الأشعة) ولكن لا يتخيل في الوقت الحاضر احضار الأشياء البعيدة بهذا الطريق.
والذين يعدون القرآن كتابا دينيا بحتا، لا يمكنهم معرفة تلك الآيات، لذا عانى المفسرون من صعوبات في فهم بعض الآيات. حيث ظن بعضهم أنها كرامة، والبعض الآخر قالوا أنها من معجزة سليمان عليه الصلاة والسلام، فوقعوا في التناقض.
المعجزة علامة نبوة نبي ؛ والكرامة هي اكرام الله تعالى لعبده باظهار بعض الخوارق علي يديه. وبالتالي فالمعجزة والكرامة كلتاهما من الله، ولا يجوز ادعاؤهما لأي أحد. قال الله تعالى: «وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ» (الرعد، 13/38).

وفي حادثة احضار العرش ادعاء. قال الذي عنده علم من الكتاب لسليمان عليه الصلاة والسلام «أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ » من أجل ذلك هو ليس بمعجزة ولا بكرامة. وهو علم من كتاب الله تعالى كما بينتها الآية. وهذا العلم لا بد وأن يوجد في القرآن الكريم، ويمكن الوصول إلى هذا العلم باستقراء الأساليب التي بينها القرآن الكريم.

أ. تفسير القرآن بالقرآن

التأويل

ب. تفسير رسول الله للقرآن الكريم

ت. الاستفادة من الكتب السابقة في تفسير القرآن الكريم

ث. أهمية اللغة العربية في تفسير القرآن

ج. القرآن الكريم والفطرة

 



[1] قال الأصفهاني وقوله تعال«ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني »(البقرة، 2/78)قال مجاهد: معناه: إلا كذبا. وقال غيره إلا تلاوة مجردة عن المعرفة. من حيث إن التلاوة بلا معرفة المعنى تجري عند صاحبها مجرى أمنية. أنظر ‏مفردات ألفاظ القرآن  مادة :مني.

 

أضف تعليقا

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.