حبل الله
تعدد قراءات القرآن الكريم

تعدد قراءات القرآن الكريم

السؤال:

السلام عليكم أيها القائمين على أحب موقع ديني وعلمي إلى قلبي، عندي سؤال بخصوص اختلاف القراءات في المصاحف كنت أظن أنها مجرد اختلاف في تشكيل كلمة مثلًا، ولكني اكتشفت أنه يوجد اختلاف في كثير من الكلمات بين قراءة حفص وقراءة ورش، وهناك من يقول أنه لا وجود لما سماه الفقهاء بالسبع أو العشر قراءات، وأن رواية حفص فقط هي الصحيحة وأنه ليس من المنطقي أن ينزل الله قراءات مختلفة حسب لهجة كل قبيلة، وإلا كان من الأولى أن ينزل بلغات مختلفة أيضًا عن العربية فما هو ردكم؟

الجواب:

سلام الله ورحمته وبركاته على السائلة الكريمة التي نسعد دائمًا بأسئلتها وتعليقاتها الطيبة المثمرة ونشكرها على ثقتها وحبها وندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعلها وإيانا ممن: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾.

بالنسبة للسؤال عن القراءات فقد أصاب من قال أنه ليس من المنطقي أن ينزل الله تعالى قراءات مختلفة حسب لهجة كل قبيلة، وهو ما لم يحدث بالفعل إذ نزل القرآن الكريم بلسان واحد فقَالَ اللَّهُ جَلَّ وعَلَا:

﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ الشعراء (193: 195)

إذن فهو لسان واحد (العربي المبين) وليس أكثر، ولكنه أخطأ حين قال أنه لا وجود للقراءات السبع أو العشر، فنحن لا نستطيع القول أنها قراءات خاطئة _عدا رواية حفص أشهر القراءات_ لأنها بالفعل موجودة ويُقرأ بها في بعض البلدان الذين يجدون صعوبة في تلاوة القرآن برواية حفص – وليس ذلك لأن القرآن نزل بها كما ذكرنا – وإنما ظهرت تلك القراءات بعد نزوله بسبب اختلاف لهجات العرب نتيجة اختلاطهم بشعوب وقبائل أخرى من الأعاجم وأصحاب الألسنة الأخرى وعدم استطاعتهم نطق بعض الحروف أو خلطهم بين الحروف القريبة المخرج.

فتعدد القراءات لا يضر بكتاب الله تعالى ولا يهز مكانته أو يثير الشكوك حوله فلن يُحل حرامًا أو يحرم حلالًا ولن يؤثر على أحكامه وتعاليمه ومواعظه؛ إذ أن اختلاف الألسنة هو في الأساس من عند الله تعالى الذي لو أراد لكل شعوب الأرض أن يتكلموا بنفس اللسان لكان ذلك، وهو عليه هيِّن، وقد جعل الله تعالى اختلاف الألسن آية من آياته:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ الرّوم (22)

وهذا الكلام ينطبق على ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغات عديدة حتى يستفيد منه غير الناطقين بالعربية، فكذلك الناطقين بها تختلف لهجاتهم ونطقهم وألسنتهم وكل ذلك دون المساس بـكون: ﴿ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ البقرة (2) وأنه: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ فصّلت (42)

فالخوف لا يأتي من تعدد القراءات واختلاف الألسنة، وإنما الخشية تكم فيما يلي:

أولا: من التحريفات التي تُخرج الكلام عن مواضعه مصداقًا لقوله تعالى لرسوله ولنا من بعده:

﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ، وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ، يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ، يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ، لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ المائدة (41).

ثانيا: من الافتراءات التي تُنسب إلى الله تعالى وإلى رسوله ثم يزعمون أنه من عند الله والذي توعدهم بقوله:

﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ البقرة (79)

فهؤلاء المحرفون والمفترون هم الذين أوصلوا المسلمين إلى دين مواز فرقهم إلى مذاهب وفرق بعيدة كل البعد عن تشريعات الكتاب وتعاليمه ومعانيه وبلاغته وبيانه وهم الذين نبأنا تعالى عنهم وحذرنا منهم حين قال فيهم:

﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا، وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ، فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ الأنعام (112)

*وللمزيد من التفصيل في هذا الموضوع يرجى الاطلاع على المواضيع التالية:

القرآن حجة على كتب النحو واللغة وليس العكس

هل أحكام التجويد بدعة؟

ترتيلُ القرآنٍ وتدبُّره

الباحثة: شيماء أبو زيد

التعليقات

  • اشكرك استاذتي على التوضيح ولكن كما ذكرت في سؤال الاختلافات لم تقتصر فقط على النطق او حتى التشكيل مع ان جميعنا نعلم ان مجرد التشكيل يغير معاني الكلمه ..بل ان هناك اختلافات جوهريه وكلمات مصحف ورش عن نافع مختلفه عن مصحف حفص وهذه بعض الامثله:

    سوره الأحقاف الايه ١٥ إحسانا في حفص اما ورش حسنى.
    سوره البقره الايه١٨٤ إطعام مسكين اما في روش مساكين بالجمع
    سوره القصص الايه ٤٨ سحران في حفص و ساحران في ورش
    ال عمران الايه ١٦١ يغل بفتح الياء اما ورش يغل بضم وتشديد الياء كده المعنى اختلف تماما..!!
    الفاتحه مالك يوم الدين اما في ورش ملك.
    الله هو الغني الحميد لكن في ورش هو ليست مكتوبه اصلا!!
    فلا اعتقد ابدا ان جبريل عليه السلام او النبي عليه الصلاة والسلام كتب هذا ؟
    وربما في القرآت الاخري اختلافات ولكني لم ابحث بها لذلك أنا لا أؤمن بما يسمى قرأت عشر وسبع وخلافه

  • هل من الممكن اذا تكرمتم أن تتحدثوا عن أهل الكتاب و هل من الواجب علينا تكفيرهم ؟و ما الرد على من منع مصاحبتهم أو اتخاذهم اصدقاء ؟

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.