السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بارك الله لكم في رمضان، وبارك فيكم، ما المقصود بالكتاب في سورة آل عمران عندما قال ربنا عن سيدنا عيسى: {ويعلمهم الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل}، فما الفرق بين الكتاب وبين التوراة والإنجيل؟ وجزاكم الله عنا كل خير..
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله لكم في رمضان وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
بالنسبة لسؤالك عن معنى “الكتاب” في قوله تعالى:
﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ﴾ (آل عمران: 48)،
هناك عدة تفسيرات ذكرها العلماء في معنى “الكتاب” هنا والفرق بينه وبين التوراة والإنجيل:
1_ الكتاب بمعنى الكتابة ومهارة الكتابة والقراءة
بعض المفسرين قالوا إن المراد بـ”الكتاب” هو القدرة على الكتابة والقراءة، أي أن الله تعالى علم عيسى عليه السلام الكتابة والخط، بالإضافة إلى تعليمه التوراة والإنجيل والحكمة.
2_ الكتاب بمعنى جنس الكتب السماوية
قال بعض العلماء إن “الكتاب” هنا يُراد به جنس الكتب السماوية، أي أن الله تعالى علم عيسى عليه السلام الوحي والشرائع السماوية عموماً، وليس فقط التوراة والإنجيل.
3_ الكتاب بمعنى القرآن أو الأحكام العامة
ذهب بعض المفسرين إلى أن “الكتاب” قد يشير إلى القرآن الكريم، باعتبار أن عيسى عليه السلام قد بُشِّر به، أو أن “الكتاب” يشير إلى أحكام الشرائع الإلهية العامة التي لا تتغير من شريعة إلى أخرى، مثل التوحيد والأخلاق والعبادات الأساسية.
4_ التوراة والإنجيل جاءا عطف تفسير على الكتاب والحكمة،
ذهب بعض المفسرين إلى أن التوراة والإنجيل قد عطفت عطف تفسير على الكتاب والحكمة، فيكون المعنى: {ويعلمهم الكتاب والحكمة أي التوراة والإنجيل} ، وهذا هو التفسير الأقرب للآية، وهو ما نرجحه. وينبغي التنويه هنا أن الحكمة ليست شيئا منفصلا عن الكتاب، وإنما هي الحكم والأحكام والمواعظ التي يتضمنها الكتاب، كما أنها تأتي بمعنى المنهج الذي يمكِّن من الوصول إلى مراد الله تعالى من آياته. وكل كتب الله تعالى قد تضمنت الحكمة (آل عمران 81)، ويتم التوصل إليها وفق المنهج الذي بينه الله تعالى في كتابه، المتمثل برد المحكم إلى المتشابه وجمع الآيات ذات الموضوع الواحد وتدبرها جميعا لمعرفة المناسبات والروابط التي بينها، فتظهر الحكمة من خلال هذا المنهج.
والله تعالى أعلم.