السؤال:
بسبب حوادث الزلزال المتكررة، يتبادر إلى أذهاننا سؤال:
هل الأشخاص الذين ماتوا في المباني الجديدة المنهارة هم ضحايا القتل، أم أن هؤلاء الأشخاص ماتوا بسبب الزلزال دون أن نوجه الاتهام إلى المتعهدين الذين أنشأوا البنايات؟ بحسب المعطيات القائمة فإن المقاول الذي قام بالبناء والشركة التي أشرفت عليه لم يقوموا بواجباتهم المهنية كما ينبغي بل قاموا ببناء مباني كان من الواضح أنها ستنهار في كارثة الزلزال، فهل يمكن أن توجه النيابة إليهم تهمة قتل المواطنين عمدا؟
الجواب:
إذا ثبت تقصير وإهمال في البناء والإشراف فإنه يمكن توجيه تهمة الإهمال والغش إلى المتعهدين والشركات المشرفة عليهم، فإن ثبت عليهم ذلك فيمكن أن توقع عليهم العقوبات المناسبة لهذا الإهمال والغش، لكن لا يمكن توجيه تهمة القتل العمد إليهم، لأنهم لم يقوموا بما يعتبر شروعا في القتل من الناحية الحقوقية.
الزلازل وكذلك الآفات الطبيعية الأخرى قد تكون سببا في الموت، لكن الذي يملك قرار الموت هو الله تعالى، فهو المحيي والمميت:
﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا، وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [غافر: 67-68
وهذا ما يفسر أن المبنى المنهار تجد فيه من مات كما تجد فيه من نجى، والمحصلة النهائية أن الموت هو امتحان من الله تعالى:
﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 2]
وما يقع على عاتقنا جميعا هو أخذ الحيطة والتدابير اللازمة للحد من تأثير هذه الكوارث، ومنها محاسبة المقصرين في التأسيس الصحيح للمباني السكنية والبنى التحتية. قال الله تعالى:
﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 105]