حبل الله
تأخير العامل/الموظف الصلاة حتى يعود إلى البيت

تأخير العامل/الموظف الصلاة حتى يعود إلى البيت

السؤال:

يقوم مجموعة من العاملين في شركتنا بالصلاة خلال ساعات العمل، وهذا الوضع نحترمه من جانبنا. في الفترة الأخيرة أصبح عدد المصلين يتزايد يومًا بعد يوم بحمد الله تعالى، وبالتالي فإن أداءهم الصلاة خارج فترات الراحة الرسمية تعطل إنتاجنا بشكل كبير. وأتساءل هل من الممكن لعمالنا أن يتركوا صلواتهم أثناء العمل ويؤدوها بعد انتهاء يوم العمل في بيوتهم؟

الجواب:

لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لأي سبب، ولا يُشرع للمسلم أن يصليها خارج وقتها؛ لأن للصلوات وقتا محددا لا يجوز أن تؤدى قبله أو بعده، وذلك لقول الله تعالى:

﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى ‌الْمُؤْمِنِينَ ‌كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103] 

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من تأخير الصلاة حتى آخر وقتها، فكيف بتأخيرها إلى خارج الوقت!.

فعَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ بِالْبَصْرَةِ، حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الظُّهْرِ، وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ، قَالَ: أَصَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ؟ فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهْرِ، قَالَ: فَصَلُّوا الْعَصْرَ، فَقُمْنَا، فَصَلَّيْنَا، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا»[1]

وقد شرع الله تعالى للخائف صلاة خاصة لأنه لا يمكنه تأخيرها حتى يخرج وقتها [انظر النساء: 101-102]

ولا يجوز للجنود المسلمين الذين يقاتلون على الجبهة أن يفوتوا صلواتهم، حتى لو في حالة اشتباك مباشر. وفي هذه الحالة يصلون بالتناوب. يمكن لعمالك أيضًا أن يصلوا بالتناوب دون تعطيل العمل. تذهب المجموعة الأولى وتصلي، ثم تذهب المجموعة الثانية وتصلي. إذا تم إجراء مثل هذا الترتيب، فلن تكون هناك مشكلة.

حتى المريض لا يجوز له تأخير الصلاة عن وقتها عند التمكن من أدائها؛ فيصليها قاعدا فإن لم يستطع فمستلقيا أو على جنبه، لهذا لما اشتكى أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم مرضه، قال له:

«صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب»[2]

ويستثنى من الحكم السابق الناسي والنائم ومن في حكمه كالمغمى عليه أو الذي يخضع للتخدير الطبي، فهؤلاء يصلونها متى تذكروها أو استيقظوا، عندها يكون وقت الصلاة بالنسبة إليهم فيصلونها؛ لأنه وقت التمكن لديهم، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (البقرة: 286)،

وقد روى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ عَنْ الرَّجُلِ يَغْفُلُ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ يَرْقُدُ عَنْهَا، قَالَ: “يُصَلِّيهَا إِذَا ذَكَرَهَا”[3] .

بناء على ما ذكرنا فإنه لا يصح لصاحب العمل أن يطلب من العمال لديه أن يؤخروا الصلاة حتى خروج وقتها، بل يبحث عن حل آخر لمشكلة تراجع الانتاج، كأن يجعل ساعة الراحة توافق وقت الصلاة، أو تتم الصلاة بالتناوب كما أسلفنا.

وقد يكون التراجع في الانتاج يرجع لأسباب أخرى غير صلاة الموظفين، فصاحب العمل يمكنه رصد السبب الحقيقي للتراجع فيعالجه دون أن يكون على حساب أداء الواجبات الدينية.

وأخيرا: فقد مدح الله تعالى من يحافظ على الصلاة وذكر الله ولا يغفل عنهما لشغل أو متاع دنيوي بقوله:

﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ. لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور: 36-38] 

وهناك بشرى من الله تعالى للذين يلتزمون تعاليمه بأن يفرج عنهم ويرزقهم وييسر أمورهم بقوله تعالى:

﴿وَمَنْ ‌يَتَّقِ ‌اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 2-3] 

﴿وَمَنْ ‌يَتَّقِ ‌اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ [الطلاق: 4-5] .

*وللمزيد حول أهمية إقامة الصلاة في وقتها ننصح بقراءة مقالة (الصّلاة والذِّكر) على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=1918

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  رواه مسلم، في المساجد باب استحباب التبكير بالعصر، 195 – (622)

[2]  أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)

[3]  أخرجه البخاري (597)، ومسلم (684)، من طرق عن قتادة، عن أنس بلفظ: ”من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها” زاد البخاري ومسلم في بعض الروايات: “لا كفارة لها إلا ذلك”.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.