السؤال:
أنا عمري 31 سنة. أريد أن أتزوج وأدعو الله تعالى لتحقيق مرادي. كما أنني أدعو الله في العديد من الحاجات الأخرى التي أتعثر فيها من وقت لآخر؛ لكن دعواتي لا تستجاب. لا أحصل على استجابة لدعائي وهذا يؤلمني كثيرًا. لماذا لا يعين الله عباده الذين يدعونه بهذا الشكل؟
الجواب:
لقد خلق الله تعالى عباده ليختبرهم، وليكشف لهم من سيستمر في طاعة أوامره ونواهيه في المواقف الصعبة والأوقات الضيقة. إن حصول الداعي على كل ما يطلبه من الله تعالى يخالف حقيقة “الاختبار”، ذلك أن الجنة هي المكان الذي سيتحقق للسائل فيه كل ما يريد. أما في هذا الدنيا فيستجيب الله لدعاء الداعي من خلال النظر إلى أعماله وبعد أن يختبره ويكشف له أي نوع من الأشخاص هو! قال الله تعالى:
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ، أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: 214]
إذا كانت أبسط الأشياء في هذا العالم يتم الحصول عليها بالجهد، فمن غير المعقول أن يحصل الإنسان على رضا الله تعالى والجنة دون بذل الجهد المطلوب. بحسب الآية السابقة فإنه سبحانه سيختبر الناس حتماً باختبارات صعبة، وما يجب على الإنسان فعله هو أن يحافظ على السير وفق منهج القرآن وأن يتقدم للأمام دون استرخاء أو يأس، لأن الله تعالى الذي خلق الاختبار، سيخلق بالتأكيد القوة اللازمة على الصبر والتغلب على ما يعترض المؤمن من المصاعب، ولا يرسل الله تعالى عونه حتى يتم الاختبار. يقول تعالى:
﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: 2-3]
التحذيرات التي وجهت إلى اليهود والنصارى تُوجه أيضًا إلى المسلمين الذين يؤمنون بالقرآن، لأن رضا الله تعالى ونيل معونته لا تدرك بالتمني وإنا بفعل المطلوب واجتياز الاختبار، ولا شك أن المسلمين الذين يلتزمون بتعاليم القرآن ويسعون لتحقيق رضا الله يستحقون معونة الله تعالى لهم.
ينبغي للأفراد الذين يقومون بتقييم أنفسهم بشكل إيجابي ويعتقدون أنهم سيدخلون الجنة بناءً على تصورهم الخاص ورؤيتهم لجوانب إيجابية في شخصياتهم أن يتأملوا أولاً في تحديات الأمم السابقة المذكورة في الآيات وأن يركزوا بدلا من ذلك على مواصلة السير وفقا لمنهج الله تعالى الذي يكون الصبر والاحتمال جزءا منه. وعندما يصل الشخص إلى أصعب نقطة في الاختبار، وحينما يعتقد أن جميع الأبواب قد أغلقت، ستأتي مساعدة الله.
لما تعرض نبينا الكريم لسيل من الأذى من كبراء قومه أوحى الله تعالى إليه الخطاب القرآني التالي:
﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا، وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ، وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأنعام: 34]
والآية التالية تحكي قصة الأنبياء مع الصبر على الأذى وكيف كانت مساعدة الله تعالى تأتيهم في اللحظة التي ظنوا أنهم تُركوا لأعدائهم:
﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يوسف: 110]
نفهم مما سبق أن تأخر إجابة الدعاء هي لازمة الاختبار في هذه الدنيا، وأن المؤمن الحق يوقن بذلك وإن تأخرت الإجابة.
