حبل الله
هل يجب عرض كل رواية على القرآن الكريم لنعلم صحتها من ضعفها؟

هل يجب عرض كل رواية على القرآن الكريم لنعلم صحتها من ضعفها؟

السؤال:

طريقة تمييز الحديث الصحيح من غيره هي عرضه على القرآن، فماذا لو لم يكن قابلاً للعرض مثل الأحاديث في أسباب نزول آيات القرآن، وأيضاً عرضه على القرآن يدل على توافقه مع القرآن وليس على صحته فربما يكون مكذوبا لكنه موافق للقرآن، فما ردكم على هذا الكلام. جزاكم الله خيراً.

الجواب:

تُعرض الرواية على القرآن عندما تستوفي وصف الحديث ويلزم ذلك صحة سندها وخلوها من الشذوذ والعلة القادحة.

فليس كل قول منسوب إلى نبينا يُقبل أن يكون صدر عنه ابتداء، مثل الأقوال التي تخالف نص القرآن أو الفطرة أو المسلمات العقلية أو الأخلاق الحميدة.

ثم إن موضوع الحديث مهم للغاية، فإن كان محتواه يعبر عن تطبيق نبينا للقرآن أو الحكم به فهذا مؤشر مبدئي على صدوره من نبينا الكريم، لكن إن كان محتوى الرواية خارج اختصاص النبي فلا داعي للبحث بها أصلا كالروايات التي تخبر عن أحداث فتن آخر الزمان وغيرها من الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله تعالى، حيث جاء النفي في القرآن أن يكون النبي يعلم من الغيب سوى المذكور في القرآن:

﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا ‌أَعْلَمُ ‌الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 50] 

والآية التالية تجعل المسألة أكثر وضوحا:

﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَلَوْ كُنْتُ ‌أَعْلَمُ ‌الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ، إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: 188] 

ويمكننا القول أن صحة سند الحديث هي شرط لعرضه على القرآن، ولا يشترط أن يكون في أعلى درجات الصحة، فلو كان حسنا أو ضعيفا لكنه منجبر بشواهده فيمكن عرضه على القرآن عندئذ ، فإن توافق معه فيمكن اعتباره و العمل به، وهذا يقتضي بالضرورة أن لا نجعل من معايير الصحة التي صاغها علماء الحديث مانعا من الاستفادة من الأحاديث الأقل صحة بالشروط التي ذكرنا.

أما ما يتعلق بأسباب النزول فهي ليست حجة في فهم القرآن ومقاصده لأن أغلب ما ورد فيها ضعيف أو ما دونه، وقد اتفق علماء الأصول أن سبب النزول قد يساعد في فهم النص لكن دلالته لا تقتصر عليه، لذا وضعوا قاعدة هامة في هذا الشأن تقول :”العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب”.

*وللمزيد حول هذا الموضوع ننصح بالاطلاع على المقالات المتعلقة التالية:

مصطلح السُّنَّة بحسب القرآن والتراث https://www.hablullah.com/?p=5877

الإسلام: من دين مركزه الكتاب إلى دين مركزه البشر https://www.hablullah.com/?p=3092

هل تُعدُّ أحاديث النَّبيِّ من الوحي؟ https://www.hablullah.com/?p=3032

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.