حبل الله
الرجوع عن البيع في حال عدم تسليم أيٍ من البدلين

الرجوع عن البيع في حال عدم تسليم أيٍ من البدلين

السؤال:

اتفقت أنا وشريكي مع أحد التجار على بيع حب الزيتون له على سعر معين حيث قمنا ببيعه له على السعر المتفق عليه مع الاتفاق على زيادة السعر في المرات القادمة (جودة الحب أفضل)، بعد الاتفاق والاستلام والتسليم وانصراف المشتري، جاء مشترٍ آخر واتفق مع شريكي وزاد كثيرًا في السعر عن المشتري الأول عندما علم بالسعر الذي أعطاه المشتري الأول وقمنا بالاتفاق مع المشتري الثاني لما فيه من مصلحة مادية ولم نتواصل مع المشتري الأول، فما هو الوجه الشرعي لهذه المسألة، وهل هنالك شخص آثم، أنا وشريكي أم المشتري الثاني أم جميع الأطراف؟

الجواب:

الاتفاق على البيع مع مشترِ جديد، له حالتان:

  • الحالة الأولى: إن كان المشتري الأول قد دفع ثمن الزيتون أو جزءًا من الثمن وهو ما يسمى بيع السلم، وسواء أكان هناك عقدًا مكتوبا بين الطرفين أم لا، فلا يمكنهم العودة في البيع إلا برضا الطرفين (البائع والمشتري) لأن دفع المال يعد عقدًا شفويًا بالبيع امتثالًا لأمره تعالى:

﴿يَٓا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ المائدة (1)

وإن أرادوا فسخ العقد وإعادة ما دفعه المشتري فيكون ذلك برضا الطرفين حتى لا يتضرر المشتري ليبحث عن بيعة أو صفقة أخرى ولا يتسبب في خسارته:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ النساء (29).

  • أما إن كان الأمر يتوقف عند مجرد الاتفاق دون دفع الثمن أو بعضه، فلا حرج في هذه الحالة لأنه مجرد وعد بالبيع وينبغي أن يبلغ الشريكان المشتري القديم بأنهما لن يستطيعا إتمام البيع نظرًا لتغير السعر وعدم قبولهم بالسعر القديم وأن السوق يتغير سعرها وحتى لا يكون هناك ظلم لهم إذا باعوا بالثمن القديم:

﴿فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ البقرة (279)

وفي الحقيقة كان ينبغي على الشريكين عدم إعطاء هذا الوعد ما داما غير متيقنين من الوفاء به لأنه وإن كان يحق لهما العودة في الاتفاق مراعاة لمصلحتهما ولكنهما يأثمان في عدم الوفاء بوعدهما وذلك لأنه تعالى كما أمرنا بإيفاء العقود كذلك أمرنا بإيفاء العهود:

﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ، إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ الإسراء (34)

ويشترك معهما المشتري الجديد إذا كان يريد بفعله إلحاق الضرر بغيره وعليهم جميعًا الاستغفار، فهو تعالى أعلم بما في قلوب الجميع وإن كان سؤال أحد الشركاء يدل على يقظة ضميره ولذا أرسل هذا السؤال، وقد وعد سبحانه وتعالى من يتقيه بالخير الكثير والرزق الوفير، ولو اتبع الثلاثة رضوان الله لرزقهم من حيث لم يحتسبوا:

﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُۚ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ الطلاق (3)

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.