حكم اللعب بالشطرنج

السؤال:

ما حكم اللعب بالشطرنج؟ وهل له علاقه بالقمار؟ هناك من يحرم الشطرنج لأن فيها مجسمات، وأشعر أن هذا التبرير خارج على المنطق.

أسال الله العلي العظيم أن تكون علومكم نافعه وأن يرزقنا حسن الخاتمة.

الجواب:

شكرا للسائل الكريم على دعائه الطيب، ونسأله سبحانه أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى، اللهم آمين.

الشطرنج لعبة تلعب على رقعة ذات أربعة وستين مربعا وتمثل دولتين متحاربتين باثنتين وثلاثين قطعة تمثل الملكين والوزيرين والخيالة والقلاع والفيلة والجنود (وهي هندية الأصل)[1]

ليس في كتاب الله تعالى ما يشير إلى تحريم اللعب بالشطرنج، فالأصل فيهما الحل، ولأنه لا يوجد من اللعب فيها مفسدة ظاهرة تستدعي القول بكراهتها، بل هي من الألعاب التي تنشط الذاكرة وتوسع الأفق، ويُستثنى من ذلك إن كان اللعب عن مال فتكون حينئذ من الميسر (القمار) الذي نهى الله عنه في كتابه بقوله تعالى:

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ ‌وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90] 

وبالرغم من عدم تحريمها في كتاب الله تعالى إلا أن فريقا من علماء المذاهب قد ذهبوا إلى القول بتحريمها استنادا إلى نقول وأقوال عن الصحابة والتابعين، لكن تلك النّقول لا تنسجم مع المبدأ المتفق عليه بأن التحريم لا يكون إلا بنص من كتاب الله تعالى أو أن يكون راجعا إلى مفسدة ظاهرة، فلما خلت الشطرنج ومثيلاتها من هذين لم يبق لتلك النقول معنى، فإما أن تكون اجتهادات خاطئة لمن نُقلت عنهم وإما أن تكون مكذوبة عليهم وهو الأرجح.

وقد يكون دافعهم إلى القول بتحريمها ما يُهدر من الوقت في لعبها، وهذا ليس حجة في تحريم أصل اللعبة، وإنما هو سوء استخدامها، وهذا مذموم في أي عمل مباح تهدر له الأوقات على حساب عمل الواجبات.

أما تحريمها بسبب أنها مجسمات فلا وجه له، لأن المحرم في المجسمات هو تقديسها أو عبادتها من دون الله تعالى، وأما إن كانت للعب أو الزينة أو سيلة تعلم أو غير ذلك فلا بأس بها[2] .

وقد رفع البعض أحاديث إلى نبينا الكريم في تحريم الشطرنج بالرغم من أن العرب في زمانه لم يكونوا يعرفونها، وإنما عرفوها بعد فتح بلاد فارس زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ولذلك قال ابن حجر الهيثمي في شرحه لمنهاج النووي، في شأن الأحاديث المحكية في ذم الشطرنج: «قال الحُفَّاظ: لم يثبت منها حديث من طريق صحيح ولا حسن، ‌وقد ‌لعبه جماعة من أكابر الصحابة ومن لا يحصى من التابعين ومن بعدهم»[3].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  المعجم الوسيط، مادة الشطرنج

[2]  انظر مقالة جمال نجم (رسم ذات الأرواح وصناعة التماثيل) https://www.hablullah.com/?p=2613

[3]  تحفة المحتاج في شرح المنهاج، وحواشي الشرواني وابن قاسم عليها 10/217