حبل الله
هل الخوف من الاغتصاب والعبودية في حال حدوث حرب نووية عالمية مبرر للانتحار؟

هل الخوف من الاغتصاب والعبودية في حال حدوث حرب نووية عالمية مبرر للانتحار؟

السؤال:

لو سمحتم بنشر سؤالي هذا لأنه يراود الكثير من بنات جيلي:

في حال قامت حرب نووية _لا قدر الله علينا هذا المصير_ لقد قرأت عن ويلات ما سيحدث، وأنا أعيش في منطقة خطرة بدون حروب، ولو حدث هذا سندخل في متاهة من المجاعات والمرض والانفلات الأمني الموجود في المنطقة من غير حرب ولا غيره.

أنا مجرد امرأة لا أستطيع حماية نفسي في الظروف العادية فما بالكم بحدث كهذا، لا أتخيل الوحشية التي سيصبح عليها الرجال إن كنا نحن النساء نعامل كالبضائع في السلم فماذا يحدث لنا والعالم ينهار؟

فهل يمكننا الانتحار في هذا الظرف؟ قرأت وشاهدت كثيرًا مما كان يحدث في مخيمات السخرة في الحرب العالمية الثانية، لا أريد أن أتعذب هكذا، لا أريد تخيل نفسي في موقف كهذا، لا أريد أن تخرج مني الحياة تحت وطأه عذاب كهذا، لا أتخيل أن يكتب عليَ الله مصيرًا كهذا الذي كتبه على كثير من خلقه من النساء والأطفال، فنفسي لا تهون علي وإني أخشى الألم بشكل مرضي، أكتب رسالتي هذه وقلبي يرتجف خوفا، فهل تعتقدون أن الله في ظرف كهذا سيحرم الانتحار؟ ليتني رجل ببنية أقوى وأقله لم يكن الخوف من الاغتصاب كابوس حياتي الأزلي … أنا أشعر بالرعب والفزع والخوف الشديد من المستقبل صراحة، قل لي بالله عليك ألا أستطيع أن استخدم الباب الخلفي وأهرب من الدنيا حينما لا يكون هناك مهرب سوى الزحف على جهنم؟.

الجواب:

ندعو الله سبحانه وتعالى للسائلة الكريمة ولكل نساء البلدة التي تعيش فيها بأن يؤمن خوفهن وينزل السكينة على قلوبهن: ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ البقرة (250).

أما بالنسبة للسؤال الذي يبدو منه مدى الخوف والرعب الذي سيطر على السائلة وجعلها تتخيل أحداثًا مأساوية أو تذكر ما حدث في الماضي وتتألم خشية تكراره، فننصحها أولا بعدم اجترارها الماضي وتلك الحروب فــ ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ، لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ، وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ البقرة (134).

ونحن _في الحقيقة_ لا نعلم خلفية المنطقة التي تتحدث منها السائلة وبالتالي لا نعلم إن كان لهجرتها طريق أو مخرج تلجأ إليه في البلاد المجاورة ومدى استطاعتها القيام بذلك دون أن تتعرض للأذى الذي تخافه أثناء هجرتها، ولكنها إن وجدت الصحبة الآمنة من الأهل فعليها ألا تتردد مصداقًا لقوله تعالى:

﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً، وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ النساء (100)

وعلينا أن نوضح بعض الأمور التي اختلطت على السائلة الكريمة نتيجة الرعب والفزع الذي تعيشه.

  • إن الأذى الذي تتحدث عنه السائلة لا يحدث فقط للنساء حتى تتمنى أن لو كانت رجلًا ببنية أقوى حتى تستطيع تحمله، وما نراه في المجتمعات الظالم أهلها التي دمرت بسبب طمع وظلم حكامها من العذاب والألم الذي يتعرض له الرجال كالنساء وأكثر، وحتى الاغتصاب الذي تخشاه السائلة فإنه واقع بهم في كثير من السجون والمعتقلات من انتهاك رجولتهم والقضاء على إنسانيتهم.

وهذا ما يؤكده القرآن الكريم حين تحدث عن المستضعفين فلم يستثنِ منهم الضعفاء من الرجال:

﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ النساء (75)

  • الأمر الثاني وهو ما يتعلق بقول السائلة أنها تخشى من أن يكتب الله تعالى عليها ما كتبه على كثير من خلقه من النساء والأطفال، يُرد عليها بأن الله سبحانه وتعالى الذي ﴿كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ الأنعام (12) لم يكتب الظلم والسبي والطغيان على النساء والولدان ولا على غيرهم من قبل حتى يكتبه عليها وعلى جيلها من الفتيات التي تعيش في مجتمعها.

بل إنه على العكس تمامًا فهو سبحانه وتعالى أرسل رسله وأيَّديهم بجنوده من الملائكة والريح والمطر والصواعق وغير ذلك لإنقاذ المظلومين والقضاء على الظالمين والطغاة في كل زمان ومكان:

﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ الفتح (7)

ولكن كي يتحقق ذلك الأمر فيجب أن يتبع هؤلاء سنة الله تعالى في الدفاع عن أنفسهم حتى يؤيدهم ربهم فينتفض القوم لنصرة ذويهم وحماية المستضعفين ليتحقق وعد الله تعالى لهم بالنصر:

﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا، وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ الحج (40)

وقد ضرب لنا الله تعالى كثيرًا من الأمثلة على ذلك في كتابه الكريم، وأكبر مثل ما حدث لأشد الطغاة على الأرض الذي ادعى الألوهية وعبَّد بني إسرائيل له وذبَّح الأبناء الذكور منهم واستحيا النساء للسخرة والخدمة:

﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ القصص (4)

لكن الله تعالى أرسل رسوله موسى وهيأ الأسباب لنصرتهم:

﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ القصص (5)

والانتصار على الظالمين ليس مقصورا  على الأنبياء فقط، وإنما ينطبق على القادة والمجاهدين الذي يبذلون أنفسهم لنصرة الضعفاء والوقوف ضد الظلم، كمن ضربه تعالى مثلًا لذلك وهو طالوت الذي اصطفاه ربه لأن يقود المعركة ضد الظالمين ولم يكن نبيًا لكنه أيده بما يؤهله للقيادة:

﴿وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ، وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ، وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ البقرة (247).

مع العلم أنه لو لم يوجد من ينصر هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان فرب العزة قادر على أن ينصرهم وينجيهم ويهلك عدوهم دون بذل أي جهد منهم، فلم يحارب كثير من الرسل والأنبياء حين أرسل تعالى عذابه على أقوامهم المفسدين الظالمين الذين قال فيهم:

﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ العنكبوت (40)

ولنا المثال في الرسول الكريم والمؤمنين معه عندما اجتمع ضدهم الأحزاب فأخرجهم ربهم من حول المدينة وأرسل عليهم الريح تقتلع معسكرهم والملائكة تبث الرعب في قلوبهم:

﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا. وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا. وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ﴾ الأحزاب (25-27) 

الذي يقع على المؤمنين هو فعل المطلوب منهم ألا هو الثقة به جل وعلا والعمل الصالح وتطبيق رسالة ربهم لينزل عليهم السكينة وينزل جنوده لعذاب أعدائهم:

﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ التوبة (26)

وألا يظنوا بربهم ظن الجاهلية لأنه تعالى لو أراد إهلاكهم لفعله ولو كانوا في مضاجعهم:

﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِنْكُمْ، وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ، يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ، قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ، يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ، يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا، قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ، وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ آل عمران (154)

وألا يجعلوا إيذائهم دليلًا على أنه تعالى قد ظلمهم ويتذكروا أن الرسل والأنبياء قد تعرضوا لذلك للدرجة التي جعلت الرسول نفسه والمؤمنين تتزلزل قلوبهم:

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ، مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ، أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ البقرة (214)

ولا يكونوا كمن قيل فيهم:

﴿قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾ فجاءهم الجواب: ﴿قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 129] 

  • أما بالنسبة للباب الخلفي الذي تقصدين به الانتحار للهروب من الدنيا وعذابها فيجيب عليك من خلقك وهو اللطيف الخبير:

﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ النساء (29)

فالاستعانة بالأبواب الخلفية ينافي البر والتقوى:

﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ، وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ البقرة (189)

إن أبواب السماء من الرحمة والسكينة والأمل لتغلق في وجه الإنسان اليائس، لأن المؤمن لا ييأس من روح الله وعونه:

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ..﴾ الأعراف (40)

ومن دهمه اليأس على حين غرة فليحصن نفسه بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم:

﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ فصّلت (36)

كما فعل الرسل والأنبياء عندما أغلقوا باب الشيطان:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ الحج (52)

وألا ينسى العبد فضل الدعاء مع اليقين بعون الله تعالى فهو يفتح أبواب السماء بالاستجابة والغيث:

﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ. فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ﴾ القمر (11)

فاللجوء إلى الله تعالى والتمسك بكتابه هو الطريق الوحيد الذي يغلق أبواب الخوف ويبدد الحزن ويفتح باب الأمن كما وعد من لا يخلف الميعاد:

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا، يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا، وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ النّور (55)

ومن ثم يسوق صاحبه لتفتح له أبواب الجنان:

﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا، حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ الزمر (73)

وختامًا:

إن على المؤمن الصادق أن يخوض تجربة الابتلاء كي ينجيه الله سبحانه وتعالى عليه، والخوف أول تلك الابتلاءات فإن صبر فله البشرى:

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ البقرة (156)

وأولى قواعد الصبر هو التمسك بإيمانه ويقينه وتقواه حتى يدخله ربه في ولايته، ذلك أن من تولاه الله تعالى أذهب حزنه وبدد خوفه في الدنيا والآخرة:

﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ، لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ، ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ يونس (64)

وإن كانت هجرة الأخت السائلة ومن هم في مثل حالها غير ممكنة في الوقت الحالي فلتقر في بيتها قدر الإمكان ولا تخرج إلا للضرورة وتحول بيتها إلى كهف الصالحين فتبتعد عن اليائسين المضللين وسوف ينشر لها ربها من رحمته ويهيئ لها من أمرها مرفقًا:

﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ الكهف (16)

وكذلك أن تلزم صحبة الصالحين الذين لم ييأسوا من روح الله ولم يقنطوا من رحمته امتثالًا لأمره تعالى:

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ..﴾ الكهف (28)

وليكن رفيقها هو الكتاب الذي فيه رحمة للعالمين وشفاء لما في الصدور وإصلاح البال:

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ، كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ محمد (2)

فالكتاب هو السبيل الوحيد لطمأنينة القلوب مصداقًا لقوله جل وعلا:

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ، أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الرعد (28)

وألا تخشى الغد ولتتركه لمن بيده الأمر كله ولا تطلق العنان لخيالها، لأنه لا أحد _غير الله تعالى_ يعلم ماذا سيحدث غدا:

﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ لقمان (34)

فإن فعلت:

﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ المائدة (52)

وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة

الموقع: حبل الله  www.hablullah.com

الباحثة: شيماء أبو زيد

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.