حبل الله
الفتور الديني؛ أسبابه وطرق علاجه

الفتور الديني؛ أسبابه وطرق علاجه

السؤال:

ماذا نفعل إذا شعرنا بالفتور في الدين لكن دون ترك الواجبات؟ مع العلم أن الفتور ليس فقط في الدين فيمكن أن يكون في مشروع عمل معين. فما أسبابه وكيف نعالجه؟

الجواب:

يصاب الإنسان بالفتور بعد الإجهاد عادة، فالبعض قد يبذل جهدا في العبادة النافلة لكنه بعد مدة يحس بالفتور، وهذا من طبيعة النفس البشرية وليس عيبا، لهذا ننصح بعدم إجهاد النفس أو تحميلها فوق طاقتها، ذلك أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها (البقرة 286)، وهذا من سلوك النبي صلى الله عليه وسلم.

روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن ثلاثة نفر جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته ، فلما أُخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني ‌أصوم ‌وأفطر، ‌وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»[1]

فالنبي عليه السلام لم يكن يبالغ في العبادة حتى لا تمل نفسه وحتى لا ينشغل بها عن واجباته الأخرى، وهذا هو منهجه الذي نوصي به أيضا.

أما عن وسائل علاج الفتور في الطاعة فيمكن تلخيصه في النقاط التالية:

1_ المواظبة على الاستغفار، فإنه سبب لنزول الرحمة وانكشاف الغمة. يقول الله تعالى:

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ ‌فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64] 

﴿وَأَنِ ‌اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3] 

﴿ فَقُلْتُ ‌اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: 10-12] 

2_ الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ذلك أن الله تعالى يقول:

﴿وَإِمَّا ‌يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 200-201]

3_ الإكثار من الدعاء التالي المأثور عن نبينا الكريم:

” اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”[2]

4_ عند الشروع في عبادة معينة ينبغي أن يجعل العبد عبادته خالصة لوجهه الكريم، استجابة لقوله تعالى:

﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ ‌مُخْلِصِينَ ‌لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5] 

5_استحضار الغاية من العبادة، فإن كانت الصلاة مثلا فيستحضر العبد عظمة من يصلي له، قال الله تعالى مخاطبا موسى عليه السلام:

﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ‌لِذِكْرِي﴾ [طه: 14] 

6_ تدبر ما يقرأ من القرآن، فالقرآن لا يؤتي أكله دون تدبر وتفكر في معانيه، لذا قال الله تعالى حاثا على تدبره:

﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ‌لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29] 

وقد رتبت الآية التذكر على التدبر، والتذكر هو غاية إنزال الوحي، كما جاء في قوله تعالى:

﴿المص. كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ ‌وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: 1-2] 

وقد وصف القرآن بأنه ذكر في الآية التالية:

﴿‌وَهَذَا ‌ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ [الأنبياء: 50] 

نفعنا الله جميعا بالقرآن الكريم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  صحيح البخاري 7/ 2 ط السلطانية

[2]  سنن أبي داود 2/ 631 ت الأرنؤوط

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.