السؤال:
توفي والدي في العام الماضي _رحمه الله تعالى_ فأردت أن أذبح الأضحية هذا العيد باسمه، فنصحني أحد الأصدقاء أن أذبحها عن نفسي وأهل بيتي مدعيا أن الأضحية عن الميت لا تنفعه، فهل قوله هذا صحيح؟
الجواب:
الإنسان إذا مات انتهى تكليفه، وقد شُرعت العبادات للأحياء وليس للأموات، ومن ذلك الأضحية فهي مشروعة للمسلم القادر عليها يضحي بها عن نفسه وأهل بيته[1] ، ولذلك فإن نصيحة صديق السائل الكريم صحيحة وموافقة للحق.
القرآن الكريم يقرر مسؤولية الإنسان عن نفسه وأعماله، قال الله تعالى:
{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} (المنافقون 10)
{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (البقرة 281)
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} (آل عمران 30)
{يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (النحل 111)
{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (المدثر 38)
وقد تبين من خلال الآيات السابقة أنَّه لا يصحُّ الإنابة في العبادات كلِّها، فكلَّ إنسانٍ مسؤولٌ عن نفسه تجاه خالقه، وهذا يقتضي أن يقوم كلُّ شخصٍ بما فُرض عليه من العبادات بنفسه، ولو كانت الأضحية استثناءً للزم بيانُها في كتاب الله تعالى، ولمَّا لم يوجد في الكتاب ما يدلُّ على الاستثناء لزم العمل بالأصل.
المطلوب من الأحياء تجاه الأموات هو الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة لا سيما من الولد إلى والديه، كما علمنا ربنا في كتابه:
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} (نوح 28)
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر 10)
وقد روي عن نبينا الكريم أنه قال:
«إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»[2].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] للتفاصيل المتعلقة بالأضحية انظر مقالة أنس عالم أغلو (القربان / الأضحية) https://www.hablullah.com/?p=2861
[2] مسند أحمد (14/ 438) ط الرسالة، وأخرجه البخاري في “الأدب المفرد” (38) ، ومسلم (1631) (14) ، وأبو داود في “السنن” 10/221، والترمذي (1376)، والنسائي 6/251