حبل الله
هل يُطبق حكم الحرابة على الإرهابيين؟

هل يُطبق حكم الحرابة على الإرهابيين؟

السؤال:

هل يطبق حد الحرابة على الإرهابيين الذي يستهدفون الآمنين بالقتل والسرقة والترويع، أم لهم عقوبة أخرى؟ وماذا لو تاب الإرهابي عن أفعاله قبل القبض عليه فهل تسقط عنه عقوبة الحرابة؟.

الجواب:

الإرهاب مصطلح ظهر حديثا، وبالرغم من عدم توافق الناس على تعريف محدد له إلا أنه يغلب في تعريفه بأنه استهداف الآمنين في حياتهم، وقد عرَّفه مجمع الفقه الإِسلامي في دورته 17 المنعقدة بتاريخ 19 – 23/ 10 / 1424 هـ بما يلي:

“الإرهاب هو العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيًا على الإنسان في دينه ودمه وعقله وماله وعرضه ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق”[1].

وهو منكرٌ بجميع أشكاله وصوره، إلا أنَّ أشدَّ صوره قتامة أن يكون موجها نحو المدنيِّين العُزَّل.

ويطلق الفقهاء على الإرهابيين مصطلح المحاربين المقتبس من الآية التالية:

﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ ‌يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 33-34] 

وهذه الآية تبين حكم الله تعالى فيهم، وتذكر أحاكما مختلفة لهم تبعا لما أحدثوه من الأذى بحق المعتدى عليهم، وذلك بحسب قاعدة قرآنية هامة تقرر أن يكون الجزاء مناسبا للجريمة:

﴿وَجَزَاءُ ‌سَيِّئَةٍ ‌سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [الشورى: 40] 

فقد ذكرت الآية القتل وذلك لمن ارتكب جريمة القتل من المحاربين (الإرهابيين)

وعقوبة الصلب لمن قتل ومثّل بضحاياه وروع الآمنين

وعقوبة قطع الأيدي والأرجل من خلاف لمن قطع الأطراف منهم

وعقوبة النفي لمن اقتصر في إرهابه على الترويع.

وهذه العقوبات تنفذ على المحارب (الإرهابي) إذا قبض عليه قبل توبته ورجوعه إلى الحق، لكنه إن تاب وأصلح ثم رفعت عليه دعوى من المتضررين فلا تقام عليه عقوبة الحرابة بل تقام عليه العقوبة المقررة في الأحوال العادية، فإن كان قاتلا فالأمر لأولياء المقتول إما أن يقتصوا منه وإما أن يعفوا عنه ويأخذوا الدية، وكذلك الأمر فيما وقع على ما دون النفس من الجرائم كقطع اليد أو فقئ العين.. قال الله تعالى:

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَلَكُمْ فِي ‌الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 178-179] 

وإن كان قد اغتصب مالا فإنه يرده بعينه لصاحبه المغصوب منه إلا أن يعفو، فإن لم يوجد رد عليه مثله، فإن تعذر وجود المثل وجب عليه دفع قيمة الشيء الذي اغتصبه وقت تعذر المثل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  الفقه الميسر، 13/85

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.