حبل الله
تفضيل المسيح على غيره من الأنبياء

تفضيل المسيح على غيره من الأنبياء

السؤال:

لا أستطيع تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم على بقية الرسل، ولا أجد داعيا لهذا، أليس المفترض أننا لا نفرق بينهم، بل إنني صراحة أميل إلى عيسى عليه الصلاة والسلام، لا أستطيع أن أنكر ميلي للزهد و الطهارة من ممارسة الجنس، صراحة هذا تفضيل شخصي لا أكثر لسمة ما ولكن مع ذلك أنا أحب جميع الأنبياء وأحترمهم جميعا، ولا أرى أن أي رسول أو نبي قصر في تكليف ما ليفضل محمد عليه الصلاة والسلام عليهم، فأكيد كلهم أوصلوا الأمانة، فهل علي ذنب ؟ كون الله فضل بعض الرسل على بعض فهذا أمر الله و هذا أمر ليس من شأني أم ماذا ؟ و أليس عيسى أيضا من أكثر الأنبياء افتراء عليه؟ يعني هو النبي الوحيد الذي يصور كإله وابن للإله ! واي افتراء هذا! وهو منقذ البشرية في النهاية لقتله للدجال؟ و قصة ولادته وطهارة أمه وكونه لا أب له فهذا من أعظم الدلالات فعلا على كون * كن فيكون * فعيسى معجزة بذاته ولا أستطيع أن أجد في قلبي سوى الانبهار بكل شيء يخصه صراحة .

الجواب:

هذا السؤال يحتوي على عدة نقاط:

الأولى:

لم يطلب الله تعالى منا أن نفضل نبيا بعينه على بقية الأنبياء حتى لو كان نبينا الكريم، أما المحبة فهي عمل قلبي فقد يميل الإنسان لنبي بعينه، فهذا لا بأس به. المحظور التفريق بينهم بالإيمان ببعضهم والكفر بآخرين، فهذا هو المحظور شرعا، بحسب قوله تعالى موجها المؤمنين:

﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا ‌نُفَرِّقُ ‌بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 136] 

الثانية:

الزواج هو شريعة الله تعالى ولذلك لا يصح وصفه بغير الطهارة:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ‌أَزْوَاجًا ‌لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21] 

أما الفحش فهو العلاقات المحرمة التي يتنزه عنها كل مؤمن فضلا عن الأنبياء، ثم إن كون المسيح لم يتزوج لا يعني أنه امتنع عن ذلك لأنه مناف للطهارة، بل ربما لأنه لم يتيسر له ذلك، ثم لا ينبغي غض الطرف عن الأخبار التي تقول بأنه تزوج من امرأة اسمها مريم المجدلية. فإن ثبت أنه قد تزوج منها أو من غيرها فليس في ذلك منقصة، بل هو من الكمال، لأن الزواج سنة الله في الخلق كما دلت عليه الآية السابقة.

قال الطاهر ابن عاشور في كتابه  التحرير والتنوير : “وأما ترك المسيح التزوج فلعله لعارض آخر أمره الله به لأجله ، وليس ترك التزوج من شؤون النبوءة ، فقد كان لجميع الأنبياء أزواج ، قال تعالى : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا ‌وَذُرِّيَّةً﴾ [الرعد: 38] “.

الثالثة:

ينبغي تصحيح معلومة قتل المسيح للدجال؛ لأن هذا الزعم لا دليل عليه من كتاب الله، فالمسيح عليه السلام لن يعود إلى الدنيا مرة أخرى، لأنه توفي بنص القرآن الكريم:

﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي ‌مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [آل عمران: 55] 

ولأنه سيبعث يوم القيامة دون أن يكون لديه أي علم بما أحدثه أتباعه والمنتسبون إليه من بعده، فلو أنه عاد للحياة قبل القيامة لعلم ما أحدثه منتسبوه من بعده. يقول الله تعالى:

﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ ‌قُلْتَ ‌لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المائدة: 116-117] 

أما الدجال فهو اسم الفاعل من الدجل، حيث يطلق على كل شخص يمارس التزييف والتحريف فيفسد على الناس أمور دينهم ودنياهم، ولا يوجد شيء اسمه الدجال بالمعنى المعروف عند الناس، فالدجال المزعوم الذي سيظهر آخر الزمان ومعه معجزات تفوق معجزات الأنبياء عبارة عن خرافة كُذبت ونسبت لنبينا الكريم، فلا ينبغي الالتفات إليها.

*ولمعرفة أصل هذا الاعتقاد وكيف تسرب إلى عقيدة المسلمين أرجو الاطلاع على مقالة (عقيدة نزول المسيح في آخر الزمان) على الرابط التالي:
https://www.hablullah.com/?p=1288

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.