حبل الله
هل يُلزم الزوج زوجته الكتابية على اللباس الشرعي؟

هل يُلزم الزوج زوجته الكتابية على اللباس الشرعي؟

السؤال:

هل يجوز للزوج المسلم إلزام زوجته الكتابية بالحجاب؟ و هل كل امرأة غير محجبة متبرجة رغم لباسها الواسع؟ وهل العبادات الدينية يجب أن تكون باقتناع أم لا؟

الجواب:

إن الله تعالى فرض الحجاب على المرأة للحفاظ عليها وعدم تعريضها للسوء ولو بكلمة أو حتى مجرد نظرة تجرح مشاعرها أو تحط من قدرها قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ:

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب 59]

ولهذا فقد فرض الحجاب في جميع الرسالات السماوية السابقة بما فيها اليهودية والمسيحية. ولا عجب في ذلك إذا أن الهدف واحد وهو صون المرأة قديما وإلى أن تقوم الساعة، فهذا هو العهد القديم يخبرنا بأن النساء كن يرتدين الخمار أو البرقع ويثني على هؤلاء النساء؛ فنقرأ في العهد القديم:

“وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: ‘مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟’ فَقَالَ الْعَبْدُ: هُوَ سَيِّدِي. فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ” [سفر التكوين 24 :64-65]

وعلى الرغم من أن اللباس الساتر (الخمار والجلباب) هو شريعة الله تعالى لكل أنبيائه إلا أنه لا يجوز الإجبار فيه، لأن طاعة الله تعالى لا تقبل بالإكراه.  قَالَ سُبْحَانَهُ:

﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ، قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ﴾ [البقرة: 256]

ولا فرق بين الزوجة المسلمة والكتابية في الإلزام بشيء. قَالَ سُبْحَانَهُ:

﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا ‌مَا ‌سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى. ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾ [النجم: 39-41] 

وينبغي أن يكون سعيه مقترنا بالإخلاص حتى يكون مقبولا:

﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ ‌مُخْلِصِينَ ‌لَهُ ‌الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: 5] 

وما على الزوج في هذه الحالة إلا النصيحة والدعوة بالتي هي أحسن امتثالًا لقوله تعالى:

﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125].

وأما بالنسبة للتبرج فهو بالطبع يختلف من امرأة لأخرى سواء في اللباس نفسه أو في طريقته، فهناك بعض النساء من ترتدي الجلباب وتغطي رأسها بالخمار، وتمتثل لأمره تعالى فيما يخص هذا الأمر، وهناك اللاتي لم ينلن من الستر سوى غطاء الرأس لكنهن متبرجات في لباسهن الضيق ووضع مساحيق الزينة بشكل مبالغ فيه مما يلفت النظر إليهن، ومنهن من يخضعن بالقول، ومنهن على العكس من ذلك إذ يرتدين اللباس الفضفاض والمحتشم لكنهن لا يغطين الرأس. ولا شك أن أمره تعالى واضح جلي في مسألة اللباس، وما على المسلم إلا الذكرى قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ:

﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَٰكِنْ ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 69]

أما مسألة الاقتناع بالتزام أوامر الله ونواهيه، فهو ما يترتب عليه قبول العمل عند الله تعالى من عدم قبوله، فإن فعله بقناعة ورضا ونية خالصة فعمله مقبول ومأجور عليه، ومن التزم بالأمر دون رضا وقبول بل خوفا أو مجاملة أو نفاقا فلا حظ له في قبوله عند الله تعالى.

إن من لا يقتنع بأوامر الله تعالى فمشكلته كبيرة جدا، وينبغي عليه أن يراجع إيمانه بربه، وأن يسأل نفسه إن كان قد قدر الله تعالى حق قدره أم لا، وهل يرى علاقته بربه علاقة العبد بالمعبود أم غير ذلك. فالمسلم الحق لا يسمح لنفسه أن يقول بعدم اقتناعه بتنفيذ أمر إلهي بين وواضح، كأن يبرر عدم صيامه بأنه غير مقتنع بجدوى الصيام، أو تترك اللباس الساتر بدعوى عدم اقتناعها بجدوى الأمر، فهنا تخرج المسألة من التقصير في جنب الله إلى التشكيك في حكمه، وهذا خطير للغاية.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.