حبل الله
المطلوب فعله من المعتدة من وفاة زوجها

المطلوب فعله من المعتدة من وفاة زوجها

السؤال:

سمعت الكثير من الكلام حول عدة من توفي زوجها.. أنه لا يجوز خروجها من المنزل أو أن تخرج وتعود قبل غروب الشمس ولا تتزين ولا تتعطر ولا ترتدي ملابس ملونة ولا تظهر فرحا ولا تكلم رجلا وتبقى حبيسة المنزل.. الى آخره

وكل ذلك بحجة أنه يجب عليها تعظيم الزوج المتوفى وكأنه إله!!

أليس الدين يسر؟ لماذا يجبرنا ديننا على أشياء نكرهها ولا فائدة منها؟ ولمَ تبقى حبيسة المنزل ؟ ولمَ تلبث في الحزن طوال هذه الفترة؟ ولمَ هذا التعظيم للزوج وعدم فعل مثله للزوجة!

ولماذا أجازوا خروجها من المنزل بشرط العودة قبل الغروب، فما الحكمة من هذا أصلا؟

وما المشكلة إن سمح الدين للمرأة بأن تفعل ما يريحها كما سمح للرجل وأجاز له كل شيء بعد وفاة زوجته (الزواج .. الفرح .. الخروج.. التزين ..) إلخ.

الجواب:

هناك الكثير من التصورات المغلوطة المتعلقة بالمرأة يظنها عامة الناس من الدين وهي ليست كذلك، ومن ضمن تلك التصورات تحريم خروج المعتدة من وفاة زوجها من المنزل ووجوب إظهار الحزن على زوجها ولزوم لبس السواد وغير ذلك، فكل هذه التصورات لا أساس لها في ديننا، وقد ذكرها الفقهاء في كتبهم معتمدين على روايات لا تصح أبدا في هذه المسألة.

والحق أن المطلوب من المعتدة أن لا تتزوج أثناء العدة، ويلزم ذلك أن لا تُبدي رغبةً بالزواج، والعرفُ يحدَّدُ ماهيَّة إبداء الرَّغبة به، لذا ينبغي لكلِّ معتدةٍ أن تتجنَّب ما يعدُّ إظهارا للرَّغبة بالزَّواج في عرف بلدها.

ولا يطلب منها غير ذلك، فلها أن تسكن في أيِّ بيتٍ شاءت وأن تذهب إلى عملها أو السوق أو التنزه وغير ذلك.

والعدة من وفاة الزوج مدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى:

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (البقرة، 234)

فيجوز لها أن تمضي العدةَ في بيتها أو في أي بيت آخر، ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، لأنّ البقاء في بيت الزَّوج المتوفَّى شُرع حقا للمرأة فلا يلزمها البقاء فيه، يفهم هذا من قوله تعالى:

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ، فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة،240)

أما علة تشريع العدة فلم تنص عليها الآيات الكريمة، لذلك يجب على المسلم/ة تلقي هذا الأمر الإلهي بالتسليم والقبول، يقول الله تعالى:

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا ‌قَضَى ‌اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36] 

وقد حاول الفقهاء تلمس الحكمة من تشريع العدة فذهب بعضهم أنها لتعظيم حق الزوج أو لتعظيم شأن النكاح، وهذان التعليلان مردودان لأنه لا يوجد في ديننا شيء اسمه تعظيم حق الزوج، ولو كان المقصود تعظيم شأن النكاح لطلب من الرجل العدة من وفاة زوجته أيضا.

إن حكم الله تعالى يتناسب مع خلقه وهو أعلم بهم، لذا فإنه سبحانه اختار أن تكون العدة تشريعا خاصا بالنساء عند طلاقهن أو وفاة أزواجهن. قال تعالى:

{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك، 14).

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.