حبل الله
إجبار الفتاة على الحجاب، ومشاهدة المسلسلات في رمضان

إجبار الفتاة على الحجاب، ومشاهدة المسلسلات في رمضان

السؤال:

ما حكم إجبار الفتاة على الحجاب؟ و ما حكم مشاهدة المسلسلات في رمضان بعد أداء الفروض؟

الجواب:

اللباس الشرعي الساتر لجميع البدن (باستثناء ما يلزم ظهوره كالوجه والكفين) هو فريضة شرعية على النساء المؤمنات، يقول الله تعالى:

﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ (النور 31).

وصفت الآيةُ بأنَّ بدن المرأةَ زينةٌ لا يصحُّ أن يظهر منه على الأجانب ﴿إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾  أي ما يظهر عادة للحاجة إليه كالوجه والكفين؛ لأنَّ الوجه مظنَّة التَّعارف، وإلزام المرأة بتغطيته فيه تعتيمٌ على هويَّتها وتشويشٌ على بصرها. أمَّا الكفَّان فللزومهما في كل وقت. ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى:

﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (الأحزاب 59)

إن التواصي بالحق واجب المسلم على المسلم، قال تعالى:

﴿وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (العصر 1_3)

ومن ميزات المجتمع المسلم أن أفراده يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، يقول لقمان الحكيم موجها ولده فيما قصَّ القرآن من خبره:

﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ (لقمان17)

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة. يقول الله تعالى مخاطبا نبيه الكريم:

﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (النحل 125)

هذا الخطاب موجه لنبينا الكريم ولأمته أيضا، حيث يبين لنا الطريقة المثلى في دعوة الغير إلى الالتزام بأحكام الله سبحانه، وهي أن تكون الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة بعيدا عن العنف والقسوة؛ لأن الدعوة التي تخلو من إظهار العطف تترك أثرا معاكسا لما يريده الداعي، ولأن الرفق في دعوة الآخرين سبب في استجابتهم ولو بعد حين، وقد كان لرحمة النبي ورفقه في دعوة قومه أكبر الأثر في استجابتهم والتزامهم بأحكام الإسلام، قال تعالى:

﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ (آل عمران 159).

وإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب المسلم على المسلم فهو بين أولي الأرحام ألزم وأكثر أهمية؛ لما لكل منهم من الحق على الآخر، والرفق في دعوة أولي القربي مطلوب على وجه خاص. يقول عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ)[1]

وقال أيضا: (مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ)[2]. وقال أيضا: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ)[3] .

هذه الأدلة الظاهرة تظهر واجب المسلمين تجاه بعضهم بعضا بالتناصح بالحق بعيدا عن الإكراه والاجبار. فالذي يجب على أهل الفتاة أن ينصحوها ويبينوا لها ما أمر الله تعالى في شأن اللباس وأن يكرروا المحاولة بطرق مختلفة.

أما مشاهدة المسلسلات في رمضان أو غيره فلا بأس به إن كانت تلك المسلسلات لا تدعو إلى محرم ولا تكون مانعة من القيام بالواجبات الدينية والدنيوية.

وينبغي التنويه أن رمضان فرصة عظيمة للمؤمنين ليضاعفوا من أعمال الخير كلها مثل قيام الليل بالصلاة والذكر وتدبر القرآن، فهذه الأعمال تشحذ الروح وتُطمئن القلوب وتُعلي الهمم ويصبح المؤمن أكثر صلة بالله تعالى وأقرب إلى الفطرة التي فطر الله تعالى الخلق عليها، فالأولى بالمسلم أن لا يضيع هذه الأوقات الثمينة بما ليس فيه فائدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  صحيح مسلم (4698)

[2]  صحيح مسلم (4694)

[3]  صحيح مسلم (4697)

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.