حبل الله
تحت أي مسمى يقع الهلاك الناتج عن الكوارث الطبيعية كالزلازل والتسونامي والأعاصير؟

تحت أي مسمى يقع الهلاك الناتج عن الكوارث الطبيعية كالزلازل والتسونامي والأعاصير؟

السؤال:

سؤالي لحضراتكم تحت أي مسمى يقع الهلاك الناتج عن الكوارث الطبيعية كالزلازل والتسونامي والأعاصير؟ وما المقصود بقوله تعالى:

{وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا}.

هل هي القرى التي تدخل تحت بند القرى المقام عليها الحجة أم ماذا؟

وأشكركم على جهودكم ونفع المسلمين بكم وصرف عنا جميعا البلاء.

الجواب:

هذا السؤال يشغل بال كثير من الناس خاصة في الآونة الأخيرة حيث تعاني فيها بعض البلدان من المصائب والكوارث سواء تلك تحدث بسبب فساد الإنسان كالحروب وما يترتب عليها من قتل وتشريد ، أو التي لا يكون للإنسان دخل فيها كالزلازل والأعاصير التي يروح ضحيتها الآلاف وتهدم بسببها البيوت وتدمر المدن.

ويتساءل البعض:

  • ماذا فعل هؤلاء الضحايا؟! هل ما حدث لهم كان جزاء وفاقًا لفسادهم أو سوء أعمالهم؟!

فهل هؤلاء فقط هم الفئة الفاسدة في المجتمعات المسلمة؟! ألا يوجد من هم أشد منهم طغيانًا وكفرًا؟!

  • وإذا كان هذا هو حال الأمم المسلمة، فما بال الأمم المشركة التي يرتكب أهلها المعاصي ويجهرون بالفواحش ليلا ونهارًا سرًا وجهارًا؟!
  • وإن كان هذا عقاب الفساد وجزاء الكفر، فما ذنب هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لم يرتكبوا ذنوبًا أو فسادًا؟ لماذا لم يرأف الله تعالى بحالهم وانهارت عليهم البيوت؟!
  • وإن كان هناك حكمة من وراء ذلك فما هي؟ لماذا لم ينذرنا رب العالمين حتى يأخذ الصالح حذره ولربما يتوب الفاسد إلى ربه!!

كل هذه التساؤلات وغيرها تدور في أذهان الكثيرين منا وانقسمنا حولها، فمنا من اختار أن يبوح بها، ومنا من اختار أن يخفيها في قلبه خوفَا من أن يكون السؤال متعارضًا مع إيمانه بالقضاء والتسليم لإرادة رب العالمين انطلاقًا من قوله تعالى:

﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ الأنبياء (23).

وفي الحقيقة إن كل هذه التساؤلات مشروعة ولا تُخرج صاحبها من دائرة الإيمان إلى الكفر، ولكنها قد تفعل ذلك بالتأكيد إن تساءل صاحبها مشككا بحكمة الله تعالى بعد معرفته وعلمه بالجواب من كتاب الله تعالى.

وكان الأولى بنا قبل أن نتساءل تلك التساؤلات أن نسأل أنفسنا سؤالين مهمين، ألا وهما:

  • هل نحن البشر عندما نشاهد تلك الكوارث عن بعد أو نشهدها عن قرب ونتعاطف مع أصحابها وترق لها قلوبنا وتدمع لها أعيننا نعتبر أنفسنا أشد رحمة ورأفة بمن خلقهم لنتساءل لماذا يفعل بهم هكذا؟!

ألسنا على يقين برحمة الرحمن الرحيم ونحن نتلوا:

﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الحج (65)

ألا يوجه لنا ربُّ العالمين تساؤلًا:

﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ التين (8)

أليس هو من ندعوه:

﴿وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ، وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ الأعراف (151)

هل نحن أعلم بمن خلق أكثر من خالقهم؟!:

﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ الملك (14)

ألا نؤمن أنه تعالى لا يظلم أحدًا:

﴿ذَٰلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ الأنعام (131)

ألا نؤمن بقوله سبحانه:

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ يونس (44).

  • بل السؤال الأدهى والأمر، هل نحن _أصحاب الرحمة والشفقة_ الذين نجونا من تلك الكوارث والمصائب المتسائلين عن الحكمة نستحق أن ننجو من تلك الكوارث التي وقع فيها هؤلاء؟!

هل أكرمنا تعالى وأهانهم؟:

﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾ الفجر (15).

هل تناسينا أننا جميعًا لولا لطف الله تعالى بنا وتجاوزه عن سيئاتنا وحلمه تعالى بنا وإمهاله لنا بالرغم من ظلمنا وتقصيرنا لكنا أول المصابين في تلك المصائب والكوارث؟!:

﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى، فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ النحل (61)

وللوقوف على أصل هذه المسألة فقد أنبأنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أنه:

﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا، إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ الحديد (22)

فهنا يعلمنا سبحانه أنه لا تحدث في الأرض من مصيبة إلا عن علم وتدبير أو عن استحقاق وتقدير وليست على سبيل العبث أو المصادفة (حاشاه جل جلاله)، فهو سبحانه لا يعذب قوما قبل أن ينذرهم ويرسل إليه رسولًا يدعوهم إلى ربهم:

﴿مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ، وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ الإسراء (15)

وهذا الرسول هو كتابه تعالى الذي أعرض أكثر الناس عنه بحجة أنه ناقص ومجمل ومنسوخ:

﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾.

فقد بيَّن تعالى لنا ما أسباب تلك المصائب، وما الحكمة من ورائها، وكذلك بيَّن لنا مصير الذين أبيدوا فيها أو دفعوا ثمنها.

فقد قال تعالى:

﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِنْدِكَ، قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا. مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ، وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا، وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ النساء (79)

إن القارئ للآيات الكريمة يظن _للوهلة الأولى_ أن هناك تناقضًا بين قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) وبين قوله: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) ولكن الحقيقة أن الله تعالى يقول أن كل مصيبة من عنده بدليل:

﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ التغابن (11)

ثم بيَّن تعالى أن ما أصاب الإنسان من خير هو عطاء منه وفضل وجزاء على الطاعة، وأن ما أصابه من سيئة فهي كذلك منه تعالى بسبب ما فعله بنفسه فكانت جزاءً وفاقًا:

﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ الشورى (30)

وأخبرنا سبحانه وتعالى أن الناس في المصائب منقسمون إلى فئات أربع، ومما لا شك فيه أن كثيرًا من المصائب قد تنزل بهم جميعًا ولكنهم مختلفون في الكيفية والمآل:

  • فهناك فئة فاسدة طاغية تستحق هذا العقاب وهم من ينطبق عليهم قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا، كَانَ ذَٰلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾ الإسراء (58)

وذلك لأن قلوبهم قاسية ولم تعد تنفع معهم الآيات قَالَ سُبْحَانَهُ:

﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الأنعام (43)

ولكن مع الأسف فهؤلاء ينطبق عليهم قوله جَلَّ وعلا:

﴿فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ، مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ يونس (23)

ومن المؤكد أنهم قد أُخذوا في تلك المصائب بما قدمت أيديهم.

  • وهناك فئة شهدت فساد وطغيان هؤلاء ولكنهم تخاذلوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينطبق عليهم قوله تعالى:

﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ الأنفال (25)

واستحق هؤلاء إلحاقهم بالظالمين لرضاهم بالظلم أو صمتهم عن قول كلمة الحق ولو فعلوه لنجوا قَالَ تَعَالَىٰ:

﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ الأعراف (165)

  • وهناك فئة مؤمنة آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر، ولكن لا بد لهم من اختبار يكشف عن حقيقة إيمانهم وصدق أفعالهم وهم من ينطبق عليهم قوله تعالى:

﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ، مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ، أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ البقرة (214)

فكما تبين الآية الكريمة أن البأساء والضراء لا بد أن تصيب المؤمنين بدليل أن الرسول الكريم كان معهم ومن شدة ما تعرضوا له من الفتنة تضرع الرسول ﷺ والمؤمنون إلى ربهم سائلين نصره وتأييده.

ولا فرق بين زلزال يهز القلوب وزلزال يهز المنشآت والبيوت وكلاهما يتبعه البشرى للمؤمنين:

﴿ألَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾

ونصر الله يعني عونه وتأييده لعباده

وهذا هو الابتلاء الذي يتعرض له المؤمنون وهم المخاطبون في قوله تعالى:

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ، وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ البقرة (157)

ومن المؤكد أن مثل هؤلاء موجودون تحت الأنقاض التي خلفتها الزلازل أو فقدوا أهلهم وأولادهم وذويهم، ومن مات من هؤلاء المؤمنين الصادقين فهو في الجنة ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون:

﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ النحل (32)

ومن نجى منهم لكنه صبر على فقد الأحبة وهدم ما بناه وقال (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) فهو من الصابرين المبشرين.

ومن الطبيعي أن تأخذنا بهم الشفقة وتخنقنا عليهم العبرة وتذرف العين على ما حل بهم حيث لا نستطيع أن نغفل عن تلك المشاهد الذي تهز القلوب، لكن علينا أن نعلم أن الرحمن الرحيم هو أرحم بهم منا ويتجلى لطف رب العالمين بمن انهارت عليهم البيوت يخرجون من تحت الأنقاض بعد ليال وأيام ليس لهم إلا أرحم الراحمين:

﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ ‌الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ الشورى (28) 

فالذي أذن لتلك المصائب أن تحل بهم قادر على إفراغ الصبر عليهم وهداية قلوبهم:

﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ التغابن (11).

  • والفئة الأخيرة وهي الأكثر عددا التي تتمثل في الذين خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا حيث تردعهم المصائب ويسارعون للتوبة والصلاح عند وقوع الكوارث. قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَىٰ:

﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَىٰ وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ الأحقاف (27)

﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ السجدة (21)

﴿وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا، وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ الزخرف (48).

وهؤلاء كمثل قوم نبي الله تعالى يونس ﷺ الذين آمنوا فكشف الله تعالى عنهم العذاب:

﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴾ يونس (98)

وإن قيل كيف نعرف حالنا من بين تلك الفئات الأربع؟! يجيب علينا ربنا جل وعلا:

﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ﴾ القيامة (15)

فكل منا يعلم ما في نفسه، وأما من لقي حتفه فليس لنا من أمره شيء إلا الدعاء له بالرحمة:

﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ ‌سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ الحشر (10) 

﴿‌رَبِّ ‌اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا﴾ نوح (28)

وما على المسلم سوى الاعتبار من المصيبة ويحاول قدر المستطاع أن يتفادى الأخطاء التي ربما كانت سببا في المصيبة:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ، وَاتَّقُوا اللَّهَ، إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ الحشر (18)

وختامًا: فإن الإنسان المسلم الحق لا ينبغي أن تراوده الشكوك والظنون في رب العالمين الذي يوجه لنا سؤالًا:

﴿فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾؟ الصافات (87)

فالعذاب مثل الخير كلاهما فتنة وبلاء قَالَ اللَّهُ جَلَّ في عُلاه:

﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً، وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ الأنبياء (35)

وأنه ليس ثمة نفع أو ضر يعود عليه جل جلاله:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ، وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ النساء (147)

وعلينا عند وقوع تلك المصائب أن نبحث في أنفسنا:

﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي، إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي، إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يوسف (53)

وأن نتعظ ونعتبر مما يحدث حولنا ولا تأخذنا العزة بالإثم ونظن أننا نجونا لصلاحنا:

﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ، فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ، وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ البقرة (206)

فإن رجعنا إلى الله عز وجل واعترفنا بذنوبنا كما فعل أصحاب الجنة فنعما هو:

﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ. عَسَىٰ رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ. كَذَٰلِكَ الْعَذَابُ، وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ، لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ القلم (31_33)

وإن لم نفعل فلسنا بمنأى عن تلك الكوارث والمصائب، والطريق الوحيد للرجوع إليه سبحانه وتعالى هو التمسك بكتابه قولًا وعملًا:

﴿فَذَكّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾ ق (45)

وقد بين الله تعالى أن كتمان الكتاب أو نبذه واتباع الظنون وما افتري على الله تعالى ورسوله سببٌ وجيه لوقوع العذاب:

﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ. لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ آل عمران (188_187)

 

وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة

الموقع: حبل الله  www.hablullah.com

الباحثة: شيماء أبو زيد

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.