حبل الله
هل الزلازل التي ضربت في تركيا وسوريا هي عذاب من الله تعالى؟

هل الزلازل التي ضربت في تركيا وسوريا هي عذاب من الله تعالى؟

السؤال:

عندي مشكلة ، كلنا رأينا الزلازل التي ضربت تركيا و سوريا و قد أحزنني كثيرا و أنا أرى مشاهد الضحايا وهم تحت الأنقاض. و لكن ما أغضبني هو رؤية عدد كبير من الآراء والمنشورات التي تقول بأن الزلازل هي غضب من الله على تركيا وسوريا، فكيف _بحق الله_ أن يكون هذا عقابا لهم؟، ماذا فعل هؤلاء أكثر من غيرهم ليستحقوا هذا؟ و ما استفزني هو انتشار المنشورات لمشايخ يقولون أن ما حدث هو غضب الله، لماذا يصب الله غضبه دائما على المسلمين و يترك الكفار على حد قولهم؟.
ما ذنب السوريين الذين يعانون من تبعات الحرب و الفقر؟ وما ذنب الأتراك الذين تعرضوا لضرر أكثر؟ و لماذا يعاقبون و يغضب الله منهم لأنهم ليسوا مسلمين كفاية ، فهل هذا منطقي عادل؟ ..
انا آسفة على الإطالة لكن أرجو الإجابة على سؤالي هل من الرحمة أن نقول أن كل هؤلاء الأبرياء راحوا ضحايا لغضب الله رغم كونهم مسلمين أو لا بد أنهم فعلوا شيئا ليرسل الله عليهم غضبه؟
و شكرا

الجواب:

من يزعم أن هذه الزلازل حدثت نتيجة لغضب الله تعالى على هؤلاء القوم فقد افترى على الله كذبا، فكيف علم مراد الله تعالى منها:

﴿‌أَطَّلَعَ ‌الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ [مريم: 78]

فلا شك أنه لا يجوز لنا كبشر أن نصف المصائب على أنها عذاب من الله تعالى، باستثناء تلك التي أوردها الله تعالى في كتابه حيث نزلت بأقوام قامت عليهم الحجة فأعرضوا عن أمر الله ورفضوا دعوة رسله، كالعذاب الذي حل بفرعون وقارون وقوم هود وصالح وغيرهم.

والحق أن هؤلاء يتغافلون عن أن المصيبة التي تقع عامة أو خاصة ينبغي التعامل معها على أنها ابتلاء يواجه بالصبر والاحتساب والتعاون على تجاوزها. يقول الله تعالى:

﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ‌بِشَيْءٍ ‌مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 155-157] 

إن مهمة المسلمين الأولى بل والبشر كافة هي إغاثة هؤلاء المنكوبين ومد يد العون لهم بكل وسيلة ممكنة، أما اتهام المنكوبين بأنهم معذبون من الله تعالى فإنما هي الشماتة بالمنكوبين والتخلي عن القيام بالدور المناط بهم شرعا وعقلا.

كما أن الواجب على الناس أن يعتبروا من هذه المصيبة فيعملوا على إصلاح علاقتهم بربهم؛ لأن مثل هذه المصائب هي نذير للغافلين وتقريع للعاصين وابتلاء للمؤمنين.

كما أن عليهم أن يعملوا على تفادي الخسائر الهائلة في حوادث مشابهة، فهناك بعض الدول التي تقع على الأحزمة النارية النشطة _كاليابان التي تنشط فيها الزلازل الشديدة_ قد أخذت بالأسباب وقامت بالتخطيط المحكم للمدن وإنشاء المباني المقاومة للزلازل واستطاعت عبر هذه الاجتهادات تفادي الكثير من الخسائر عند وقوع الزلازل.

والمسلمون الذين علمهم ربهم كيف يأخذون بالأسباب هم أولى الناس بأخذ الحيطة والتدابير المناسبة، فكتاب الله تعالى يأمرنا بذلك ولنا في رسولنا الكريم الأسوة الحسنة في أخذ التدابير المناسبة لكل حدث، ولنا في النماذج البشرية الناجحة حكمة ظاهرة في ضرورة الأخذ بالأسباب. وما على المسلمين سوى العمل وبذل قصارى الجهد ولهم وعد الله بالعون والتمكين.

أما عذاب الله إن نزل فإنه لا يبقي ولا يذر وليس بصارفه تدبير وليس برافعه جهد البشر وإن عظم.

نسأل الله تعالى الرحمة لمن قضوا والشفاء العاجل لمن أصيبوا والمأوى الآمن لمن شردوا، إنه رؤوف رحيم.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.