حبل الله
لماذا وصف القرآن الزوج بالسيد في قوله تعالى: وألفيا سيدها على الباب

لماذا وصف القرآن الزوج بالسيد في قوله تعالى: وألفيا سيدها على الباب

السؤال:

أريد السؤال عن تفسير الآية التالية:

(وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ، قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [يوسف: 25] 

لماذا استخدم الله تعالى كلمة سيدها في الآية لوصف الزوج؟ وأيضا هل كلمة البعل في القرآن غير الزوج، وتأتي من العلو وتعني السيد والمالك؟ فهل الزوج سيد زوجته؟ وهل تعني القوامة السيادة لا سيما أن  الحديث التالي يؤكد هذا الفهم:

(كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ ، فَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا)

فقد وجدت بعض المناقشات بين الرجال والنساء عن حقوق المرأة، وقد ذكر الرجال هذه النصوص ليؤكدوا سيادة الزوج على زوجته وأنه ليس من الغريب أن تنادي المرأة زوجها بسيدي بل هو مستحب في الإسلام، فهل هذا صحيح؟ وحتى إن سيادة المرأة في بيتها سيادة جزئية على الأبناء والخدم فقط، فهل هذا  هو التفسير الصحيح لهذه النصوص وشكرا لكم.

الجواب:

لم يستخدم القرآن لفظ السيد للزوج إلا في هذا الموضع [يوسف: 25] لسببين:

الأول: أن زوجها كان وزيرا للملك وصاحب سلطة كبيرة لذلك هو زوج وسيد في نفس الوقت.

الثاني: استخدمت الآية لفظ السيد بدلا من الزوج، لأنه عندما رآها متلبسة بخيانته خافت منه بسبب سلطته فقد كان قادرا على تنفيذ ما يراه من الحكم عليها دون أن يعود إلى أي سلطة أخرى، فناسب أن يستخدم لفظ السيد لا الزوج، وهذا من بلاغة القرآن الفائقة.

أما أن تنادي الزوجة زوجها بسيدي أو أن ينادي الزوج زوجته بسيدتي فلا بأس به، لكنه ليس مأمورا به شرعا، وليس منهيا عنه، فهو من الألفاظ التي يمكن أن ينادي بها الناس بعضهم بعضا لإظهار الاحترام والمودة، فيخضع الأمر برمته لما اعتاده الناس من أساليب الخطاب والنداء.

أما كلمة البعل فلها معان مختلفة، ومن ذلك الزوج الرجل، والقرآن الكريم لا يُطلق كلمة البعل ويقصد به الزوج إلا إذا كان هناك خلل في العلاقة الزوجية، لكنه يستخدم كلمة زوج للرجل والمرأة إذا كانت الحياة الزوجية متكاملة ومستقرة، ومن ذلك قوله تعالى:

﴿‌وَالَّذِينَ ‌يَقُولُونَ ‌رَبَّنَا ‌هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان: 74] 

أما إذا لم يحصل التكامل في الحياة الزوجية فإن القرآن يطلق على الزوج بعل، وعلى الزوجة امرأة، ومن ذلك :

1_ عند الاختلاف في الدين:

﴿امْرَأَتَ نُوحٍ ‌وَامْرَأَتَ ‌لُوطٍ﴾ [التحريم: 10]  ﴿ ‌امْرَأَت ‌فِرْعَوْنَ ﴾ [القصص: 9]  [التحريم: 11]

ومن اللافت أنه لم يقل (زوج نوح، زوج لوط، زوج فرعون).

2_ عند حدوث الخلاف في الحياة الزوجية:

﴿‌وَإِنِ ‌امْرَأَةٌ ‌خَافَتْ ‌مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ [النساء: 128] 

3_ عند عدم الإنجاب:

يطلق القرآن الكريم (امرأة زكريا)  في كل المواضع ، قال تعالى على لسان زكريا :

﴿‌وَامْرَأَتِي ‌عَاقِرٌ﴾ [آل عمران: 40]  ﴿‌وَكَانَتِ ‌امْرَأَتِي ‌عَاقِرًا﴾ [مريم: 5 ]

لكن عندما رزقها الله تعالى بالولد ( يحيى عليه السلام ) سماها زوجة:

﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى ‌وَأَصْلَحْنَا ‌لَهُ ‌زَوْجَهُ﴾ [الأنبياء: 90] 

لذا فإن استخدام القرآن للفظ البعل بدلا من الزوج وكذا لفظ المرأة بدلا من الزوج كان لحكمة بلاغية تفرد بها أسلوب القرآن الكريم البديع بنظمه ومعانيه. ولا علاقة للأمر بسيادة الزوج وعلوه على زوجته كما يروج له البعض.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.