حبل الله
معنى قوله تعالى “تقاتلونهم أو يسلمون”

معنى قوله تعالى “تقاتلونهم أو يسلمون”

السؤال:

أرجو من حضرتكم توضيح معنى الآية الكريمة: ﴿قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ، فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا ، وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ (الفتح 16)

أولا: من هم القوم أولى البأس الشديد؟

ثانيا: ما معنى (تقاتلونهم أو يسلمون) هل بمعنى القتل أو الإسلام؟ أليس هذا إكراه في الدين؟ أرجو من حضرتكم الرد والتوضيح وشكرا جزيلا.

الجواب:

من الأظهر أن الموصوفين بأنهم أولي بأس شديد هم  أهل خيبر، لأن هذه الآيات نزلت في السنة 6 للهجرة بعد صلح الحديبية ، والحرب التي تلت هذه الحادثة هي معركة خيبر حيث حصلت في السنة 7 للهجرة، وقد كان أهل خيبر أصحاب قلاع وحصون وكثيري العدد والعدة، وقد كان لهم من العداء مع المسلمين ما يدفعهم للقتال بشدة.

ويذكر المفسرون احتمالات أخرى كحرب مسيلمة الكذاب وقومه بني حنيفة ، وقيل غطفان وهوازن يوم حنين، وقيل فارس والروم.

ويصح أن تكون الآية عامة في كل دعوة لقتال المعتدين، حيث لا يصح التخلف عن واجب الجهاد إذا تعلق الأمر بأهل ناحية، فهناك الكثير من الآيات التي يمكن الاستناد إليها في هذا الصدد منها قوله تعالى:

{ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ… لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ. إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} (التوبة 42 و44-45)

وقوله (تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) أي تقاتلون هؤلاء الذين تُدعون إلى قتالهم، أو يسلمون من غير حرب ولا قتال. أي يقبلوا السلم ويكفوا عن عدائكم.

ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى:

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا، وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} (النساء 94)

وهذه الآية تطلب من المؤمنين الذين خرجوا لقتال العدو أن يتبينوا حالهم فإن ألقوا السلام فينبغي تأمينهم على أنفسهم وعدم قتالهم، لأن القاعدة الأساسية في استهداف قوم بالحرب هو عدوانهم، حيث يقول الله تعالى:

{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة 190)

فقتال غير المعتدين هو عدوان لا يقبله الله تعالى.

ولا ينبغي للمسلم أن يرد دعوة السلم حتى في أثناء الحرب، يقول الله تعالى:

{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (الأنفال61)

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.