حبل الله
هل تساهم المرأة العاملة في النفقة على بيتها؟

هل تساهم المرأة العاملة في النفقة على بيتها؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله:

لماذا علي الزوج الإنفاق علي زوجته ولا يستطيع أن يأخذ منها رغما عنها و كلاهما يعمل؟

أليس للزوج حق في مرتب زوجته لأنها تأخذ من وقته و بيتها ؟

وماذا لو اختلف الزوجان؛ هي تريد أن تعمل ولا تعطيه جزءا من أموالها، وأراد هو الضغط بذلك لتجلس في البيت وهو يعلم أنها تحب عملها، و أنها كانت تعمل قبل الزواج، فهل له أن يأمرها أن تترك عملها؟ وهل يلزمها طاعته؟.

الجواب:

بيَّن الله سبحانه وتعالى أسباب فرض الإنفاق على الرجل دون المرأة في قوله:

﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ (النساء 34)

فقد أوتي الرجل من القوة البدنية ما يؤهله للعمل والشقاء وجعله قوامًا على المرأة بأن يحفظها ويرعاها دون تجبر أو تسلط لما خلق فيها من وهن ورقة:

﴿وَلَيْسَ ‌الذَّكَرُ ‌كَالْأُنْثَى ﴾ (آل عمران 36)

ورغم ذلك فإن لكل من الذكر والأنثى مهامه في هذه الحياة ولا يجب أن يتمنى أحدهما ما فضل الله سبحانه به الآخر، قال الله سبحانه:

﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ، لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا، وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ (النساء 32)

فهي تحتاج رعايته وإنفاقه، وهو يحتاج عطفها وزينتها، وهو يعمل خارج البيت وهي داخله، وهو يوفر المال وهي توفر الراحة والسكينة، فكلاهما يحتاج للآخر ، لا ينصلح حال أولادهما إلا بقيام كل واحد منهما بما يصلح له، لذلك أوصى الله تعالى الأولاد ببرهما كليهما بقوله:

﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ﴾ (لقمان 14)

أما بالنسبة لحق الزوج في الحصول على بعض من مال الزوجة إذا خرجت إلى العمل:

فالمرأة غير ملزمة بالنفقة لأن وجوب الإنفاق على الرجل لا يتعارض مع خروج بعض النساء للعمل، ذلك لأنه مطالب به سواء أكانت المرأة غنية أو لها مصدر للدخل من عملها، وليس له إجبارها على ترك عملها إن لم تقصر في بيتها.

فإن كانت المرأة ليس لديها أطفال أو أنهم قد كبروا ولديها الوقت وتريد أن تعمل فليس للرجل أن يجبرها على المساهمة في نفقات البيت ولها مطلق الحرية ألا تعطيه.

والدليل على ذلك أنه تعالى قد نهى الأزواج أن يأخذوا من الصداق الذي أعطوه هم لزوجاتهم ووصف أخذه بالبهتان والإثم:

﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا، أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ (النساء 20)

فما بال من يأخذ من مالها الخاص الذي حصلت عليه بجهدها الخاص؟! لا سيما إن تزوجها وهي تعمل وقد وافق على عملها ولم يشترط عليها تركه، قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ:

﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ، إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ (الإسراء 34)

فيحق للمرأة أن تواصل عملها، ولا يحق للزوج مطالبتها بالمال ما لم تقصر في أداء واجباتها تجاه بيتها.

لكن في الوقت نفسه إن كانت المرأة عاملة وتبقى خارج البيت لفترات طويلة وتهمل في حق أولادها الذين في حاجة إلى الرعاية فيحق للزوج منعها، لأن الفرض مقدم على الفضل، وحفظ أمانة الذرية مقدم على الرفاهية، وهذا من باب ترتيب الأولويات.

فإن أصرت على الخروج للعمل مع تقصيرها في واجبها تجاه أسرتها فعليها أن تساهم بجزء من نفقات البيت، لا سيما أن نفقات البيت ترتفع كلما انشغلت صاحبته خارجه، فتساهم حينئذ بما يكمل النقص إذا كان دخل الزوج لا يكفي:

 ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النساء 6)

وإن كانت الزوجة عاملة وتساهم في نفقات البيت فيجب على الزوج أن يتقاسم معها العبء داخل البيت، وذلك بقيامه ببعض الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال معها. فهذا من باب التعاون على البر والتقوى.

ولا يجوز أن يترك لها القيام بكل أعمال البيت بالإضافة إلى عملها ثم يطالبها بالإنفاق، لأن هذا على خلاف التواصي بالمرحمة والتعاون الذي أمرنا به سبحانه وتعالى:

﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَاتَّقُوا اللَّهَ، إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ (المائدة 2)

وختامًا: فإن الحياة الزوجية مبنية على التفاهم والمودة والرحمة وليس على الندية والطمع بما لدى الآخر بأن يقف أحدهما أمام الآخر يستعرض قواه أو غناه أو أن يبخل بما أتاه الله تعالى.

وإن إنفاق الرجل على بيته هو باب من أبواب تقوى الله تعالى، ومن اتقى الله سبحانه جعل له مخرجًا ووسع رزقه، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وعلا:

﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ (الطلاق 3- 4)

وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة

الموقع: حبل الله www.hablullah.com

الباحثة: شيماء أبو زيد

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.