حبل الله
هل يعلم الله تعالى أفعال العباد قبل ولادتهم؟

هل يعلم الله تعالى أفعال العباد قبل ولادتهم؟

السؤال:  

من خلال قراءتي في موقع حبل الله فهمت أن الله تعالى يعلم كل شيء (أي موجود) ولا يعلم ما سيفعله الإنسان، لأن الإنسان مبتلى أي ممتحن، فهل فهمي صحيح؟. وإن كان كذلك فأرجو توضيح معنى أن الله تعالى يكتب الأحداث قبل خلق تلك الأحداث كما في قوله تعالى:

“مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ” (الحديد، 57/22). فقد فهمت أن الله تعالى يكتب الأحداث قبل خلقها فهل يكتبها بناء على علمه ما في الصدور؟ أرجو توضيح الفكرة وجزاكم الله خيرا.

الجواب:

فهمك صحيح، ذلك أن علم الله تعالى بأفعال العباد قبل خلقهم يتناقض مع فكرة الامتحان، لهذا اختار الله تعالى أن لا يعلم نتيجة الامتحان مسبقا حتى ينعقد الامتحان في بيئة حرة خالية من أي معاني الإكراه والإلجاء والجبر.

ولا يوصف الشيء شيئا إلا بعد وجوده، وبما أن ما سيقع من أفعال العباد لا يسمى شيئا فإنه لا يقع تحت عموم قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ بِكُلِّ ‌شَيْءٍ ‌عَلِيمٌ ﴾ [البقرة 2/29] 

وإذا همَّ الإنسان للقيام بفعل معين وكان بمقدوره فعله فإن الله تعالى يخلق له ذلك الفعل بعد أن يكتبه لفوره، قال الله تعالى:

﴿‌وَمَا ‌تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان 76/30] 

فلا يحدث شيء إلا بعد أن يكتبه الله تعالى، كما لا ينفذ الجزاء إلا بعد أن تصدر المحكمة قرارا مكتوبا. قال الله تعالى:

﴿‌ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ (الحديد، 57/22).

والضمير في «أن نبرأها» يعود على الأحداث، والمعنى قبل أن نخلق تلك الأحداث، وما يؤيد ذلك قوله تعالى:

﴿‌وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ (آل عمران، 3/145)

وبعد الكتابة لا مناص من حدوث ما كُتِب. قال الله تعالى:

﴿‌ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ، يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ، قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ، يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ، يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا، قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ، وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ (آل عمران، 3/154)

فمن كتب عليه الموت لوجود سببه المباشر فلا يمكن أن يحمي نفسه منه حتى لو كان متحصنا في بيته أو في أشد الأماكن تحصينا.

*للمزيد حول الموضوع ننصح بالاطلاع على المقالة (كتابة الأجل) على هذا الرابط https://www.hablullah.com/?p=2549

 

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.