السؤال:
سألني أولادي هذا السؤال، هل المغتصب لفتاة صغيرة أم كبيرة وقد يكون قتلها أو لم يقتلها لكنه دمر حياتها ثم تاب فليس عليه عقوبة إذا لم نقدر عليه؟ مع العلم أن حياة الفتاة التي دمرت أو ماتت ولحق العار بأهلها في مجتمعاتنا التي لا نقول إلا أصلح الله أحوالها، فقد يعيشون الى نهاية حياتهم بذل واكتئاب، فكيف يكون ذلك من العدل وهو سيدخل الجنة لأنه تائب وهي إن كانت كافرة ستدخل النار وإن كانت مؤمنة انتهت حياتها. أرجوكم الإجابة فليس عندي جواب إلا أن الله تعالى قد أمر بذلك وليس علينا إلا الطاعة لكنهم لم يقتنعوا، فهل يجب على المغتصب شيء غير توبته؟ أرجوكم وأنتظر ردكم كي أُزيل هذا الإشكال مع تقديري لكل جهودكم.
الجواب:
علينا في البداية أن ندرك أمرًا هامًا ألا وهو: أن الغاية من تشريع العقوبة للجناة في الدنيا هي ردعه وأمثاله عن الوقوع في الجرائم ولاستيفاء حق المظلوم ممن ظلمه، ولكن هذا المجرم إن استوفى العقوبة لكنه لم يتب توبة نصوحًا بأن اعترف بذنبه وتاب وأصلح فلن يمنع عن نفسه عذاب الآخرة، ويتبين لنا ذلك من خلال قوله تعالى عن عقوبة القاتل الذي حكم عليه بالقتل قصاصًا:
﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ (النساء 93)
فحق المظلوم يتعلق بالقصاص من الظالم، ولكن حق الله سبحانه وتعالى يتعلق بالتوبة والإصلاح.
وإذا جئنا لمسألة توبة المغتصب نجد الجواب في قوله تعالى في عقوبة الزناة:
﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (النّور 2)
فنجد أمره تعالى بعدم الرأفة بالزاني الذي ارتكب الفاحشة برضى الطرفين، فما بال عقوبة المغتصب؟!
فهل يفتح الله تعالى له سبيل الهروب من العقوبة بعدما هتك ستر محصنة وفضحها وأهلها؟!
إن المغتصب جرمه أكبر من الزاني وبالتالي فمن باب أولى أن لا يستحق الرأفة في دين الله تعالى، وتوبته هنا لا تمنع عقابه. لأن التوبة تجب الذنب المتعلق بحق الله تعالى وليس المتعلق بحق الفتاة التي اعتدى عليها.
ولكن عندما يقول الله سُبْحَانَه في حق المفسدين في الأرض: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ، فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (المائدة 34)
فلا يتحدث عن مغتصب أو معتد على إنسان بعينه وإنما يتحدث عن مجموعة من المفسدين الذين قطعوا الطريق أو أحرقوا أو نهبوا وأفسدوا في الأرض بأي شكل من الأشكال من التعدي على الممتلكات العامة التي هي حق لله تعالى، فهؤلاء المفسدون لم تمتد أيديهم على نفس إنسان آخر بقتله أو اغتصابه أو سرقته وإنما تعدى على حق الله تعالى الذي يعفو عنه إن شاء.
ولكن عقوبة الاغتصاب مثل عقوبة القتل لا تسقط عن الجاني إلا إذا عفا المجني عليه أو طالبه بدفع دية بدلًا من العقوبة قَالَ سُبْحَانَهُ:
﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ، ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ، فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (البقرة 178)
ذلك لأن الإفساد في الأرض يمكن إصلاحه كإعادة البناء والتعمير أو الإنبات بخلاف الضرر والأذى الواقع على شخص بعينه وخاصة إذا تعلق الأمر بالفواحش وانتهاك الحرمات.
وإذا قيل فلماذا حُكم على المغتصب بهذا الحكم المتعلق بالإفساد؟! وما الفرق بين توبته وتوبتهم؟!
نقول بأن المغتصب ارتكب ما هو أشد من الزنا الذي يحصل برضا الطرفين، لأنه تعدى على عرض محصنة وجر عليها الوبال في نفسها وبدنها وأهلها، وربما حملت منه بطفل سيأتي إلى الدنيا محملا بسوء فعله، فعاقبة الاغتصاب لم تقف عند المجني عليها فقط بل على أهلها ومجتمعها لذا استحق عقوبة من حارب الله تعالى، ولا يجب الرأفة به سواء تاب أم لم يتب لجمعه بين المحاربة وارتكاب الفاحشة.
ومن يتدبر الآيات نفسها سيتبين له أن مرتكب هذه الفاحشة (الاغتصاب) لا تُقبل توبتُه إلا بعد العقاب الدنيوي ، ذلك أن الله تعالى يدعو الجاني (في جميع الآيات المتعلقة بالجرائم التي تقع على الآخرين بشكل مباشر كالقتل والسرقة والزنا ورمي المحصنات) للتوبة ويحثه على العمل الصالح، ولكن بعد بيان عقوبته ونيل جزائه الدنيوي وليس قبله:
- ففي القتل الخطأ نجد قبول التوبة يأتي بعد قضاء ما عليه من الجزاء، قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَىٰ:
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً، وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا، فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ، وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (النساء 92)
- وفي السرقة قَالَ اللَّهُ تعالى:
﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (المائدة 38- 39)
فلم يقل تعالى (فمن تاب قبل ذلك).
- وفي الزنا ورمي المحصنات قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ:
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا، وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (النّور 5)
وكذلك هنا لم يقل (إلا الذين تابوا من قبل ذلك)
فالملاحظ في جميع الحدود أن التوبة تأتي بعد تنفيذ العقوبة التي لا يجوز إسقاطها إلا إذا عفى صاحب الحق نفسه، وقد وصف الله تعالى من لم يحكم بحكمه أنه من الظالمين:
﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ، فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (المائدة 45).
أما إذا جئنا لتوبة المفسدين في الأرض الذين لم يتعلق جرمهم بآحاد الناس نجد قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ، فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (المائدة 34)
وقبول التوبة من هؤلاء قبل تنفيذ الحد عليهم إنما هو لحكمة بالغة وهي: أن من يقوم بتلك الأعمال إنما هي جماعات هدفها الإفساد، وغالبًا ما تستند إلى تأويلات فاسدة تبرر لها فعلها، ولا تتم أعمالهم بشكل فردي وإنما ضمن مجموعات موجهة، فيصادف أن يكون من ضمن هذه الجماعة مَن هو مجبور على العمل معهم وقد يريد الرجوع ولا يستطيع خوفًا من بطشهم، وكذلك فإن هؤلاء المفسدين إن أرادوا التوبة فإنه يمكن للمجتمع أن يستفيد من جهودهم في إعمار وإصلاح ما أفسدوه وفي التعرف على من بقي ناشطا في تلك الجماعات ومن يوجهها ويمولها وهكذا.
وهذا بالفعل ما بينته الآية موضع الشاهد والآيات التالية لها مباشرة، وذلك عندما اشترطت التوبة الفعلية لهؤلاء لعدم تنفيذ الحد عليهم، وبينت أن توبتهم لن تقبل منهم إلا بالتقوى وابتغاء الوسيلة والجهاد في سبيل ذلك:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة 35)
ولا يأتي كل ذلك بمجرد قول المفسد بأنه قد تاب، فقوله هذا لن ينجيه من عذاب يوم القيامة إن استطاع الهرب من عقاب الدنيا:
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا، وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ (المائدة 36- 37).
أما مسألة أن يعفو الله تعالى عن المغتصب الذي دمر حياة الفتاة لأنه تاب ثم يعذب تلك الفتاة إن كانت كافرة فالحكم هنا ليس على إطلاقه وذلك لسببين:
- أن الله تعالى لا يعفو عن المسلم لارتكابه الفواحش مع غير المسلمين، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ:
﴿قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ، أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ. قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾ (الأعراف 29)
ومن القسط أن الله تعالى يساوي في الثواب والعقاب مهما كانت ديانة الآخر أو عقيدته إن كان العقاب متعلقا باعتداء الإنسان على أخيه الإنسان.
- أن التوبة شرط لكليهما سواء المسلم الجاني أو الكافر بل إن توبة المجرم شروطها أكبر، لأن عليه الحد أو القصاص بالإضافة إلى التوبة والعمل الصالح، أما الكافر فعليه التوبة والعمل الصالح، وليس عليه حد أو قصاص كعقوبة على الكفر، وقد بينت الآيات ذلك في قوله تعالى:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الزمر 53)
فالتوبة ليست قاصرة فقط على المغتصب بل إنها تشمل جميع العباد المذنبين بمن فيهم الكافر والمشرك بدليل قوله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ، وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (الفرقان 68- 70)
نرى مساواته تعالى لمن مات على الكفر بالقاتل والزاني بأنهم خالدون في النار، إلا من تاب منهم في الدنيا وعمل عملًا صالحًا.
والحكمة من قبول التوبة _كما بينا_ أنها تعمل على الإصلاح وعدم التمادي في الإفساد، فهو سبحانه يحث عباده المذنبين على الرجوع إليه.
فالمذنب الذي يعلم أن باب التوبة والإصلاح مفتوح فسوف يحثه ذلك على التوقف عن المعصية بخلاف ما إذا علم أن توبته وإصلاحه لن يفيده في شيء، فلماذا يتوقف عن إفساده ما دام سيعذب في كلا الحالتين تاب أم لم يتب؟!
فمن رحمته سبحانه بعباده أن جعل لهم باب التوبة مفتوحًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ:
﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ (الشورى 25)
وتحقيقًا لمبدأ العدل جعل قبول التوبة مرتبطا بمدى المسارعة بها بعد الذنب:
﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (النساء 17)
وليس لمن يتمادى في ذنوبه وسيئاته إلى لحظة الموت فيمت على ذنبه أو يمت على كفره قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَىٰ:
﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ، أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ (النساء 18).
وبالنسبة للمغتصبة فإن نفسها تطيب بإنزال العقوبة المناسبة بالمغتصب، فعندما يرى المظلوم العقوبة وقعت بالظالم فإن نفسه تهدأ وغيظه يتبدد، كما تبينه الآية التالية:
﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ. وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة 14-15)
فالذي يحيي الأرض بعد موتها ويحيي العظام وهي رميم قادر على إحياء نفسها من جديد. قَالَ الله تعالى:
﴿فَانْظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ، وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (الرّوم 50).
وبالنسبة لنظرة المجتمع السلبية للمغتصبة فهي ظلم إضافي يقع على الضحية، لكن الإسلام لا يقر بهذه النظرة، لأن الله تعالى لا يرضى بالظلم لعباده، والواجب على هذا المجتمع أن يرحم ضعف الضحية ويشد من أزرها ولا يلقي باللوم عليها، وإن لم يفعلوا فقد قاموا بظلمها، وإن استطاعت أن تترك هذا المجتمع الظالم فلتفعل امثتالًا لقوله تعالى:
﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ (النساء 75).
وقف السليمانية مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع حبل الله www.hablullah.com
الباحثة: شيماء أبو زيد