حبل الله
هل يقع طلاق الثلاث؟

هل يقع طلاق الثلاث؟

السؤال: إذا طُلقت امرأةٌ ثلاث تطليقات بلفظ واحد، أو في مجلس واحد، بأن قال لها زوجها، أنت طالق ثلاثا، أو أنت طالق أنت طالق أنت طالق، فهل يقع الطلاق ثلاثا؟

الجواب: الطلاق ثلاث مرات متتالية تقع واحدة فقط إذا توفرت الشروط الأخرى لوقوعه، ذلك أن الطلاق المعتبر هو الذي بيّنه الله تعالى في كتابه، وهو أن يطلقها طلقة واحدة في طهرٍ لم تُمَسَّ فيه:

﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ ‌لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: 1]

وعلى الرجل المطلق أن يحصي العدة التي أمر الله تعالى أن تُطلق لها النساء:

﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ﴾ [الطلاق: 1]

وقد شرعت العدة كي يتمكن الزوج من مراجعة قراره ويعيد زوجته قبل انقضاء عدتها، فإن انقضت العدة دون أن يرجعها فهذا يعني أنه عازم تماما على الفراق، ويكون قد فاته أن يمسكها بالمعروف، ويقع عليه حينئذ أن يفارقها بالمعروف أيضا:

﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق: 2]

وليس أدل على المعروف من كتاب الله تعالى إذا كان ناطقا بالحكم في مسألة معينة، ولأن القرآن قد فصل موضوع الطلاق فلا ينصرف لفظ المعروف إلا إلى تلك الأحكام التي جعلها الله تعالى حدودا نسبها إليه فلا يصح تجاوزها:

﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق: 1]

فإن كان هذا التشريع حدا من حدود الله تعالى فلا يصح تجاوزه، فقوله لها (أنت طالق ثلاثا) أو  (أنت طالق أنت طالق أنت طالق)، لا يقع إلا طلقة واحدة، وهذا إن تحققت بقية الشروط كالعزم على الطلاق والإشهاد وأن تكون المرأة في طهر لم تمس فيه.

وعلى الرجل أن يُشهد على إيقاع الطلاق شاهدين عدلين، لقوله تعالى مباشرة:

﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ [الطلاق: 2]

فقد جعل الله تعالى للطلاق صورة لا يقع إلا بكمالها. وقد بينت الآيات السابقة تلك الصورة.

عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طَلَّق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمرُ بنُ الخطاب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مُرْهُ فَلْيُراجِعها، ثم لْيُمسِكها حتى تَطهُرَ ثم تَحِيضَ، ثم تَطهُرَ، ثم إنْ شاء أَمسكَ بَعدُ، وإنْ شاء طَلَّق قبلَ أن يَمَسّ. فتلك العِدَّةُ التي أَمَر اللهُ أن تُطَلَّقَ لها النساءُ”[1]

لم يعتبر النبي طلاق ابن عمر نافذا لأنه لم يطلقها للعدة، أي لم يطلقها في طهر لم تمس فيه، بل طلقها وهي حائض، وهذا خلاف المعروف الذي نصت عليه سورة الطلاق.

*وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة أ.د عبد العزيز بايندر   (الطلاق: حق الزوج في أن يفترق عن زوجته) على هذا الرابط  https://www.hablullah.com/?p=1476

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت

[1]  سنن أبي داود، الطلاق 4، الحديث رقم 2185.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.