حبل الله
هل أداء العمرة واجب أم مندوب؟

هل أداء العمرة واجب أم مندوب؟

السؤال: هل العمرة واجبة أم مندوبة، وإن كانت واجبة فما دليل وجوبها من القرآن الكريم؟

الجواب: العمرة مشروعة بكتاب الله تعالى والظاهر أنها مندوبة لا مفروضة، فقد قال الله تعالى:

﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ ‌حِجُّ ‌الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]

وهذا نص في الوجوب، ولم يذكر أمر يوجب العمرة.

فالحج واجب في العمر مرة، ومندوب بعد ذلك، أما العمرة فمندوبة أساسا، وإن أدى العبد العبادة فلا يُقبل منه النقص فيها سواء كانت واجبة أو مندوبة، بل يجب أن يأتيها كما شرعها الله تعالى.

لما تحرج المسلمون من الطواف بين الصفا والمروة بحجة أن عليهما صنمين من أثر الجاهلية أمر الله تعالى بإتمام هذا النقص بقوله تعالى:

﴿‌وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196]

وقد علمنا أن السعي هو الذي ينبغي إتمامه من خلال قوله تعالى:

﴿إِنَّ ‌الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: 158]

وقد ذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك إلى أن العمرة مندوبة وليست واجبة .

واستدلوا بما روي عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ ؟ قَالَ : لا ، وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ[1] .

وهذا الحديث وإن كان ضعيف سندا[2] إلا أنه صحيح متنا وموافق لمقتضى الآيات فلا حجة لمن رده بداعي ضعف السند.

وذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلى وجوبها واستدلوا بروايات لا تتفق مع الآيات المتعلقة، وتمسكوا بالأمر الوارد في الإتمام في الآية 196 من سورة البقرة كدليل على الوجوب، والحق أن الأمر بالإتمام دليل على وجوب إتمام العبادة عند الشروع فيها وليس دليلا على وجوب أصلها كما ذكرنا أعلاه.

ومن الروايات التي استند إليها الإمامان الشافعي وأحمد ما روي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : “قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ ؟ قَالَ: نَعَمْ ، عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ”[3] . ووجه الاستدلال من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم (عَلَيْهِنَّ) وكلمة (على) تفيد الوجوب .

ولو كانت العمرة واجبة كما زعموا لجاء في كتاب الله تعالى صيغة تفيد وجوبها كما كان ذلك في فرض الحج بنفس الأداة [آل عمران: 97] . أما هذه الرواية فلا تفيد وجوب العمرة لأن السياق ليس سياق بيان حكمها، وإنما بيان فضل الحج والعمرة للنساء اللاتي لا يستطعن جهاد الكفار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  سنن الترمذي، رقم الحديث (931)

[2]  قال النووي: اتفق الحفاظ على أنه ضعيف. انظر “المجموع” (7/6)

[3]  سنن ابن ماجه، رقم الحديث (2901). قال النووي في “المجموع” (7/4) : إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم اهـ . وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

 

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.