حبل الله
هل يتلبس الجن الإنسان؟ وهل الأمراض النفسية والعصبية سببها تدخل الجن؟ وما هو السحر وما هي أنواعه؟ وهل يمكن أن يتواصل الإنسان مع الجن؟ وهل يمكن للساحر أن يفك السحر؟

هل يتلبس الجن الإنسان؟ وهل الأمراض النفسية والعصبية سببها تدخل الجن؟ وما هو السحر وما هي أنواعه؟ وهل يمكن أن يتواصل الإنسان مع الجن؟ وهل يمكن للساحر أن يفك السحر؟

السؤال: أريد أن أعرف هل حقاً الجن يستطيع أن يدخل جسم الإنسان (تلبس الجن)؟ وهل هذا شيء حقيقي وشيء معروف في ديننا؟ وهل توجد له قصص في ديننا حصلت لأحد الصحابة؟ وإن لم يكن تلبس الجن حقيقة فما هو هذا الشيء؟ هل هو مرض نفسي؟ فأختي الكبيرة مصابة بهذا المرض (تلبس الجن) أحياناً تجرح نفسها، وأيضاُ زوجة أخي عندما يصيبها هذا الشيء فنمسكها بقوة لأنها ستعض نفسها أو ستسحب شعرها وأحيانا تصاب بجروح وحروق ولكن ليس هي من تفعل هذا الشيء فتحدث لها جروح تلقائيا، وأنا أرى أن الحروق ناتجة لسبب نفسي أو طبي، إن كان تلبس الجن للإنسان حقيقة فما هو علاجه؟ وإن كان سبب آخر فأيضا ما هو علاجه؟ وهل تنصحوننا بالذهاب إلى طبيب نفسي، فهذا الموضوع أتعبني حقا ولا أستطيع فهمه.

وهناك موضوع ذو صلة، ففي مجتمعاتنا يكثر الحديث عن السحر، ويعتقد الكثير من الناس بأنهم مسحورون، فما هي علامات أنني مصابة بالسحر؟ أو أن الشخص الفلاني مصاب بالسحر؟ وما هي أنواع السحر؟ وما هو علاج السحر(أرجوكم أفيدونا إن كان يوجد آيات أو أدعية لفك السحر) خاصةً ان كان سحر يصعب التخلص منه مثل الشروب أو سحر موضوع في مكان لن نعرف عنه أبداً؟ وهل يوجد حقاً من يستطيع فك السحر عن طريق التواصل مع الجن؟؟ وما رأيكم فيمن يقول أن لديه صديقا جنيا يساعده في الوصول لمكان السحر ويقول لهم لقد انتهى أثر السحر فقد عثرنا عليه وفككناه؟! وهل من يستطيع التواصل مع الجن (ان كان هذا الشيء حقيقة) فهل هذا الشيء حرام، وهل سيخرج من الإسلام؟

الجواب: إن الله سبحانه وتعالى قد خلق الجن والإنس لغاية محددة: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات 56)

ولم يخلق أحدهم ليسلطه على الآخر فيظلمه ويعذبه دون أن يستطيع أن يحمي نفسه منه، فإنه إن تعرض إنسان للأذى من إنسان آخر فإنه يستطيع أن يرد الأذى بمثله أو حتى يدفع عن نفسه الأذى، وهذا داخل في سنة التدافع التي تعبر عن عدل الله في خلقه، ولكن هل من العدل الإلهي أن يجعل الجن يؤذي الإنس دون أن يستطيع رد الأذى أو حتى الدفاع عن نفسه أو دون أن يراه على الأقل؟!

لقد جعل الله تعالى _بحكمته_ لشياطين الجن سلطان واحد على الإنس ينحصر في الوسوسة فقط ولنتلو كلام الجن نفسه: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْۖ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (إبراهيم 22)

وكذلك: ﴿وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍۖ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ﴾  (الصافات 30).

ويقول الشيطان كذلك: ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ (الأعراف 17)

ولم يقل أنه يدخل أجسامهم.

ويقول تعالى نفسه: ﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ (سبأ 21)

وإذا جئنا لأشهر آيات الاستعاذة من الشيطان قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَىٰ: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ (النّاس 5)

ولم يقل يدخل في صدور أو أجساد الناس. ولو كان يمكنه ذلك لكانت الاستعاذة من ذلك الشر أولى

هل يقبل بعد قول الله جل جلاله قول آخر يزعم أن للجن سلطانا على الإنس أكبر من الوسوسة؟

يجيب علينا سبحانه: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾ النساء (122)؟!

أما عن السؤال حول ما يراه الناس من سلوكيات تتعلق بجرح النفس أو خروج أصوات غريبة من الشخص أو ما يتعلق بالحروق والخراب وما شابه، فإنها تعود لسببين لا ثالث لهما:

  • إما لسبب مادي ملموس يسبب الحريق كارتفاع درجات الحرارة أو ماس كهربائي أو السجائر وغيرها من الأسباب التي تؤدي إلى الحرائق دون أن يراها أو يلاحظها الشخص، وكذلك تعرض الشخص لآلة جرحته أو جرح نفسه دون أن يشعر كأن يفعلها وهو نائم أو بدون وعي، فعدم رؤية الشيء المتسبب أو الشعور به لا يعني عدم وجوده.
  • وإما لمرض نفسي أو جسماني، فالصرع من الأمراض الجسمانية التي قد تؤدي إلى إيذاء المريض لنفسه دون أن يعي. والصرع كما يقول الأطباء له أنواع كثيرة بخلاف ما تعارف عليه الناس من حدوث التنشنجات فقط.

وهناك كثيرا من الأمراض النفسية التي تجعل الشخص يسمع أصواتا غريبة، وتجعل البعض يصدرون أصواتا غريبة كصوت رجل يصدر من امرأة أو العكس، وهناك من يعاني من الهلاوس السمعية والبصرية التي تخيل له أشياء ليست موجودة على أرض الواقع.

والعلاج لهذه الأمراض يحتاج إلى مزيد من الصبر لأنها تشبه الأمراض المزمنة التي يطول علاجها ويكون بثلاثة طرق:

  • يبدأ بمعرفة السبب وراء تلك السلوكيات ومن ثم البدء في علاجها سواء أكانت أسباب مادية بالاحتراز منها، أو أسباب مرضية بالذهاب إلى الطبيب المختص قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل 43) وليس الذهاب إلى الدجالين لأنهم قد يزيدون من صعوبة الأمر إما بتأخير العلاج أو التسبب في تفاقم الحالة حين يقومون بضرب المريض تحت زعم خروج الجن منه مما يؤثر بالسلب على صحته وقد يؤدي إلى وفاته.
  • اللجوء إلى الله سبحانه وإلى كتابه بالذكر والتدبر وتسليم الأمر له قَالَ تَعَالَىٰ: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ (الإسراء 82).

والمقصود بالشفاء هنا هو شفاء النفس من القلق والمخاوف التي تساعد على تفاقم المرض أو تكون سببا مباشرا له، ورحمة النفس من المعاصي والذنوب أو التوبة منها وذلك باتباع أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه قدر المستطاع مما يحقق السلام الداخلي والنفسي للإنسان المؤمن.

وكذلك الشفاء الجسدي بالاستفادة من أطعمة وأشربة جاء ذكرها في القرآن كعسل النحل أو الزيتون وزيته أو الرمان وغيرها الكثير، فلم يذكرها الله في الكتاب دون غيرها إلا لفوائدها الجمة.

والشفاء بالقرآن لا يكون بقراءة سور معينة في أذن المريض أو تشغيل صوت المذياع يتلوها في البيت أو كتابتها على ورقة وشربها أو كتابتها فيما يسمى بالحجاب ووضعها تحت الوسائد وفي الجيوب أو تعليقها في الرقبة.

وإنما يكون بتلاوة جميع آيات الكتاب وتطبيقها على أرض الواقع فلا يجب أن تكون مجرد ترانيم يسمعها المريض ويطرب لسماعها، ولا مانع من تكرار الآيات الخاصة بالشفاء والأدعية بشكل منفصل ومنفرد كالآيات التالية:

﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ (الشعراء 80).

﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (الأنبياء 83)

﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ (ص 41) وغيرها من آيات الصبر التي تسكن النفس وتزيل المخاوف قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ:

﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ (النحل 127).

﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (يونس 62).

﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد 28).

ومن شروط اللجوء إلى الله سبحانه ألا يشرك المريض مع ربه ملجأ يلوذ به كالشيوخ الذين يدّعون العلاج بالقرآن أو الدجالين، وإن فعل الشخص ذلك عليه بالعودة إلى ربه فهو نعم المولى ونعم النصير:

﴿حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (التوبة 118).

  • عدم الاستسلام للوهم، فهناك بعض الأشخاص الأصحاء الذين يعانون فقط من بعض أعراض القلق والخوف من شيء ما ولكنهم قد يصدقون من يقول لهم أنهم مسحورون أو متلبسون بالجن فيتحول القلق إلى هلاوس والخوف إلى هلع وخيالات وبذلك يكون الإنسان قد أضر نفسه بنفسه،
  • عليه أن يؤمن حق اليقين أن الله تعالى يبتلي عباده قَالَ اللَّهُ تَعَالَىٰ: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (7 الكهف)

والبلاء له أشكال عدة قَالَ جَلَّ في عُلاه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (البقرة 157)

فالقلق والمخاوف من الابتلاء، ونقص الأنفس لا تعني فقط الموت ولكن المرض كذلك نقص من الأنفس، وقوله تعالى ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ لا تقال فقط عند الموت ولكن تقال عند كل ما يصيب الإنسان الذي هو مخلوق لله وسيعود ويرجع لله تعالى.

أما بالنسبة لسؤال السحر وأنواعه وطرق علاجه وعلاقته بالجن:

فإن السحر ذكر في كتاب الله تعالى متعلق بنوعين لا ثالث لهما:

  • الأول متعلق بحركات خفية تُخيل للشخص الرائي أن ما يراه حقيقة وهو ليس كذلك وهو ما ذكره تعالى: ﴿قَالَ بَلْ أَلْقُواۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَىٰ﴾ (طه 67)

فالآية الكريمة تصور ما نراه في الواقع من بعض المهرة بخفة اليد والحركة فيخبل للرائي أن ما يفعله الساحرحقيقيا ، لقد استطاع سحرة فرعون تحريك عصيهم وحبالهم بطريقة خفية جعلت الحاضرين يخيل إليهم أنها أفاعي حتى إن نبي الله موسى توجس منها خيفة على الرغم من أنه نبي عظيم وكليم الله، وهذا النوع من السحر نراه فيما يسمى بفقرات الساحر (السيرك) الذي يقوم بعمل عروض تتميز بخفة اليد وسرعة الحركة وقد ساعدته التكنولوجيا الحديثة على إدخال المؤثرات السمعية والبصرية.

  • النوع الثاني من السحر متعلق بالكلام وهو ما ذكره تعالى في قوله ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِۚ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (البقرة 102)

فهذه الآية الكريمة توضح لنا ما يفعله الشياطين – مع العلم أن الآية لم تذكر الجن وإنما جاءت بلفظ الشيطان وهو لفظ ينطبق على الإنسان كذلك فكل من يفعل ذلك فهو شيطان – ثم بينت الآية أن السحر الذي يتعلمونه هو لمحاولة التفريق بين الزوجين ومع ذلك فهم لا يستطعون أن يلحقوا بهم الضرر إلا بإذن الله.

مع ملاحظة أن السحر هنا لا يتعدى الكلام الذي يوقع الفتنة ويسبب الفرقة ولا علاقة له بالحركات أو الأعمال السفلية والعلوية كما يزعم الدجالين والمشعوذين.

وسحر الكلام لا ينفك عن النوع الأول في النتيجة وإن اختلف في شكله، فالأول يخيل الشيء الوهمي حقيقة في نظر الرائي، والثاني يخيل الكذب حقيقة وصدقا في نظر السامع عندما يصدق أحد الزوجين أو كلامهما كلامًا مكذوبا مزخرفا على أنه الحق واليقين ويتصور أن المتحدث ناصحًا يريد الإصلاح وإنما هو يريد الفرقة والشتات وكلا النوعين يؤدي إلى الانسياق لما يُرى ويسمع.

فإن انصاع الإنسان لهذا النوع من الكلام المزخرف ولم يستعن بربه فقد يتركه الله تعالى ويأذن بالفرقة والضرر ليذوق المرء وبال أمره وهجره لأمر ربه، ولكن إن استعان الإنسان بربه ولم يلق سمعه لهؤلاء فالله سبحانه يحفظه من الوقوع في الضرر.

وبالنسبة لحكم من يفعل ذلك فهو الكفر ووصفه بالشيطان كما بينت الآية الكريمة.

هذا هو السحر الذي جاء في كتاب الله تعالى وليس للسحر علاقة بتأخير زواج أو عجز عن العلاقة الزوجية أو عدم إنجاب أو رسوب ومرض وغير ذلك.

ونحن نرى ذلك في مجتمعنا أن هناك ممن يؤمنون بقدرة الساحر على تغيير مصائر العباد رغم أنه لا يتعدى مهارة حركية وكلامية لا تمت للحقيقة بصلة.

وطرق العلاج هو التمسك بكتاب الله تعالى وعدم الانصياع لكلام المشعوذين والخرافيين، وكذلك على الإنسان أن يعترف بأخطائه وتقصيره إن حدث له ما يسوؤه ليجد الحل بعد ذلك، لا أن يلقي باللوم على شماعة السحر والجن، وكذلك فإن الإيمان بأن هذه الدنيا هي دار ابتلاء يجعله متحفزا لموجهة ما يعترض له بالصبر والعمل والتوكل على الله تعالى.

وبالتالي لن يحصل للعبد سوى ما كتبه الله تعالى:

﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَاۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة 51).

أما قضية التواصل مع الجن فلم يذكر القرآن الكريم إمكانية أن يفعل الإنسان ذلك، والذي اختصه  الله تعالى بالتواصل مع الجن والحكم عليهم هو سليمان بن داوود عليهما السلام (الجن 12-13)، لذلك ادعاء التواصل مع الجن لا أساس له، ولا يدعي ذلك سوى الدجالين والمشعوذين الذين لا يرتجى منهم الخير، ولا يستعين بهم أحد وينتفع بما يوصون به شيئا، بل يلحقون به مزيدا من الضرر المباشر بنهب أمواله وغير المباشر بتعطيله عن البحث عن الحلول الصحيحة لمشاكله.

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.