حبل الله
ماذا كان على النبي أن يقرأ عندما نزل عليه قوله تعالى “اقرأ باسم ربك الذي خلق”؟

ماذا كان على النبي أن يقرأ عندما نزل عليه قوله تعالى “اقرأ باسم ربك الذي خلق”؟

السؤال: كان أول ما نزل على رسولنا من القرآن الآياتُ الخمس الأول من سورة العلق، وقد تضمنت الأمر مرتين لرسولنا الكريم بأن يقرأ. ومعلوم أنه لم تنزل قلبها آيات ولم يكن نبيُّنا على علم بكتب الله السابقة، فماذا كان المطلوب من نبينا أن يقرأ؟

الجواب: تنقسم آيات الله تعالى إلى قسمين؛ الآيات المنزلة وهي كتب الله التي أنزلها على أنبيائه، و الآيات المخلوقة وهي كل ما خلق سبحانه، ولأن المخلوق يدل على خالقه أمر سبحانه بأن يقرأ الإنسان هذه المخلوقات ليتعرف على الله تعالى من خلالها فيستيقن أنه المستحق للعبادة والتوجه، ولأن في تعلمها الوسيلة لارتقاء الإنسان وتطوره وإعماره للأرض.

الآيات الخمس الأول من سورة العلق تدعو صراحة لقراءة الآيات المخلوقة:

﴿اقْرَأْ بِاسْمِ ‌رَبِّكَ ‌الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: 1-5]

الآيتان الأولى والثانية تدعوان لقراءة آيات الله في الخلق وتنوهان إلى المرحلة الثانية من خلق الإنسان وهي عندما يكون علقة في رحم أمه،

وقد سميت علقة لأنها تعلق في جدار الرحم. تَقُولُ: عَلَّقْتُ الشَّيْءَ أُعَلِّقُهُ تَعْلِيقًا. وَقَدْ عَلِقَ بِهِ، إِذَا لَزِمَهُ[1].

ويفهم من التسمية أن الإنسان متعلق ببني جنسه، فالعلاقات البشرية أملتها حاجة الإنسان للإنسان، وقد نشأت من طبيعة البشر ذاتها. “يقال ما بينها علاقة: أي شيء يتعلق به أحدهما على الآخر”[2].

وقوله تعالى {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} يفسره قوله تعالى:

﴿وَعَلَّمَ آدَمَ ‌الْأَسْمَاءَ ‌كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 31]

إن آية العلق تدعو أن يقرأ الإنسان علم الكائنات الذي علمه الله تعالى لآدم عليه السلام بالقلم، وذكر القلم فيه إرشاد لتوثيق العلم به، لأن ذاكرة الإنسان لا تتسع لكل ما يتعلم، وبما أن علم الإنسان تراكمي كان التدوين بالقلم أداة لحفظ العلم للعالِم والمتعلم على حد سواء.

وأخيرا يمكننا القول أن الأمر بالقراءة الوارد في الآيات الأول من سورة العلق متعلق بقراءة آيات الله المخلوقة الموجودة في كلِّ ما خلق، والآيات القرآنية التي تلفت الأنظار إلى الآيات الكونية كثيرة جدا، كالآيات التي تدعو إلى النظر في الأنفس والآفاق والسماء والأرض والجبال وغيرها.

*وللاطلاع على موضوع ذي علاقة ننصح بقراءة مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (الدين والعلم) على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=3334

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  ابن فارس، مقاييس اللغة، مادة علق

[2]  ابن سيده المرسي، المحكم والمحيط الأعظم، مادة علق

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.