حبل الله
متى يكون الجار أولى بشراء العقار من غيره؟

متى يكون الجار أولى بشراء العقار من غيره؟

السؤال: أردت بيع بيتي لشخص غريب عن بلدتنا، وأخبرت جيراني برغبتي في بيع البيت وأن هناك مشتريا يرغب به، لأن علاقتي بجيراني جيدة والحمد لله فرغبت بإعلامهم لعل أحدهم يقوم بشرائه، لكن أحدا منهم لم يرغب بالشراء لأسباب مختلفة، ومع ذلك طلبوا مني عدم بيع البيت. فهل إن بعته بالرغم من عدم رضاهم أكون آثما شرعا؟

الجواب: يثبت حق الشفعة للجار إذا كان بيعُ جاره العقار لغيره يترتب عليه ضرر، ومعلوم أن من مقاصد الشريعة رفع الضرر ودفع المفاسد، خاصة أن حق الشفعة للجار لا يرتب عليه أدنى ضرر بصاحب الملك لأنه سيبيعه لجاره بالسعر الذي كان سيبيعه به لغيره.

وقد روي ما يدل على ثبوت حق الشفعة للجار ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «الجار أحق بشفعته»[1] «جار الدار أحق بالدار من غيره»[2] .

وعن الشريد بن سويد قال: قلت: يا رسول الله، أرضي ليس لأحد فيها شرك ولا قسم إلا الجوار فقال: «الجار أحق بسقبه (بشفعته) ما كان»[3] .

فهذه الأحاديث متوافقة مع مقاصد الشريعة التي جاءت برفع الضرر، كما أنها متوافقة مع النصوص القرآنية الداعية إلى رعاية الجار وعدم إيذائه، ولا شك أن حرمان الجار من حق الشفعة هو سير باتجاه يخالف وصية الله تعالى به.

والشفعة للجار ليست مطلقة، بل مقيدة بكون الجار أحق بالمعروف من المشتري، أما إن كان المشتري ممن تربطهم علاقة أقوى بالبائع فليس للجار الأخذ بحق الشفعة. لأن الأصل في مشروعية الشفعة رفع الضرر عن الجار دون الحاق الضرر بالبائع. ولأن حق الجار دون حق ذوي القربى. نفهم هذا من تقديم هؤلاء على الجار في قوله تعالى {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ ..} (النساء، 36) فقد تقدم الوالدان والأقربون وأولوا الحاجة على الجار.

لذلك فإن بيعك البيت بعد إعلامهم وبيان عدم رغبتهم في شراء البيت هو بيع صحيح لا غبار عليه.

والله تعالى أعلم

*وللمزيد حول الموضوع ننصح بقراءة مقالة جمال نجم (حقوق الجوار) على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=2314

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  صحيح البخاري الشفعة (2258) ، سنن النسائي البيوع (4702) ، سنن أبو داود البيوع (3516) ، سنن ابن ماجه الأحكام (2495) ، مسند أحمد بن حنبل (6/10)

[2]  سنن الترمذي الأحكام (1368) ، سنن أبو داود البيوع (3517) ، مسند أحمد بن حنبل (5/8)

[3]  سنن النسائي البيوع (4703) ، سنن ابن ماجه الأحكام (2496)

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.