السؤال: كيف يتم رعاية الأطفال فاقدي النسب في الدولة الإسلامية، أي من يرعاهم ويتولى أمرهم؟
الجواب: يقصد بالأطفال فاقدي النسب الذين تخلى عنهم ذووهم عند ولادتهم لأسباب مختلفة، وهذا التصرف جريمة عظيمة وتخل عن المسؤولية.
إن رعاية الأطفال فاقدي النسب تقع على عاتق المجتمع المسلم، حيث تتولى الأسر رعاية هؤلاء وتربيتهم على قيم الإسلام، فينشؤون نشأة طبيعية في ظل الأسر التي تكفلتهم؛ لما تمنحه إياهم من التعليم والتربية العاطفة.
أما إنشاء المراكز الخاصة لرعايتهم فلا يجب إلا أن يكون مكانا ينظِّم توزيع هؤلاء الأطفال على الأسر المتبرعة لتربيتهم، أما بقاؤهم مدة حياتهم في هذه المراكز فليس من ثقافة المسلمين في شيء، لأن الطفل سينشأ دون أن يتعرف على ثقافة المجتمع ولا عاداته المستمدة من تعاليم دينه، كما أنه لن يكتسب الخبرات اللازمة ليكون إنسانا فاعلا بسبب بعده عن النموذج الأسري في التربية.
هؤلاء الأطفال هم كالأيتام حكما، بدليل قوله تعالى:
﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 5]
يفهم من الآية أن اليتيم سواء عُلم أبوه أم لم يعلم لا يصح أن ينسب إلى كافله أو مربيه، بل هو أخ في الدين يتلقى الرعاية اللازمة في المجتمع كأي فرد فيه.
أما حشرهم في مراكز الإيواء فهو ضرب من القهر الذي نهى الله تعالى عنه في كتابه حيث قال:
﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾ [الضحى: 9]
كما أنه بعيد عن إكرامهم وتعزيزهم، وقد ذم الله سبحانه من لا يكرمون اليتيم بقوله:
﴿كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾ [الفجر: 17]
فإكرام الأطفال فاقدي النسب يكون باحتوائهم داخل أسر ترعاهم كأنها أسرهم الحقيقية وليس تركهم في بيوت الإيواء ليعانوا شعور العزلة والتشرد. يقول الله تعالى:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: 220]
فالمخالطة هي المطلوبة وليس العزل.
