حبل الله
معنى سنة الله تعالى

معنى سنة الله تعالى

سنة الله هي الإسلام الذي رضيه الله دينا للبشر منذ آدم عليه السلام. وكل من وثق في الله تعالى يكون قد دخل في دينه وناله من نفع الإسلام وفضله. ومن يرون النفع من غير الإسلام فهم الخاسرون حتما. وقد ورد العديد من الموضوعات في الآيات 1- 26 من سورة النساء ثم قال تعالى بعدها:

{يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (النساء 26)

وقد أرسل الله النبيين ليعلموا الناس سنته، وقد آتى كلَّ واحد منهم الكتاب والحكمة، ولأنّ ما حوته تلك الكتب في غالبه واحد كان من خصائصها أنها تصدق بعضها بعضا. يقول الله تعالى:

{وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ[1] وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي[2] قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ. فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (آل عمران 3/81-82)

الكتاب والحكمة هما المرشد لمن يتبعون سنة الله تعالى، فبالنظر إلى الآيات المتعلقة بالسنة يتبين أن الله تعالى يريد هداية الناس إلى ما أنزله من الكتاب والحكمة. ولأن الحكمة متضمنة في الكتاب فإن كل كتاب من كتب الله هو دليل لمن يتبع سنته. متبعو سنة الله هم الذين يسلكون الطريق الصحيح. جاء في أول سورة البقرة ما يلي:

{ذَٰلِكَ ٱلْكِتَٰبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} (البقرة 2/2)

يفسر الكتاب في الآية على أنه القرآن لأنه أخر كتب الله نزولا والمصدق لما قبله والمهيمن عليها والذي انتظره أهل الكتاب قبل نزوله[3].

لا يمكن تصور الكتاب دون احتوائه على الحكمة. وقد عدَّد الله تعالى في الآية 83 من سورة الأنعام وما بعدها 18 عشر نبيَّا من نوح إلى عيسى، ثم ذكر أنه اختار من آبائهم وأبنائهم أنبياء آخرين، ثم قال مخاطبا نبيه الخاتم:

{أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} (الأنعام 6/89)

تفيد الآيات بوضوح أن المرشد والدليل لمن يسلكون طريق الحق هو الكتاب والحكمة. ووفقا لهذا الأمر الذي نزل بمكة امتثل نبينا للكتب السابقة في مسائل لم ينزل بعد فيها نص، وكان هذا سبب توجهه نحو القدس في صلاته حتى نزلت آيات تغيير القبلة (البقرة 2 / 142-150). وبقي نبينا يتبع الكتب السابقة فيما لم ينزل فيه نص حتى نزول سورة المائدة حيث تقرر فيها أن يلتزم النبي بما نزل إليه في القرآن من أحكام بعد إتمام نزوله واكتمال الدين (المائدة 5/3 ، 48). وقد أمرنا الله تعالى في سورة المائدة أن نقول لليهود والنصارى:

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ، وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (المائدة 5/68)

وقد أمر الله تعالى اليهود والنصارى بإقامة التوراة والإنجيل لأنهما يأمرانهما صراحة باتباع القرآن والإيمان بخاتم النبيين[4] (الأعراف 7/157)

العبارة التوراتية جاءت كما يلي: “أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ (أبناء إسماعيل) مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ لِكَلاَمِي الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ”[5] . (سفر التثنية، 18/ 18-19)

أما الإفادة في الإنجيل فكانت كالتالي: “وأما الآن فأنا ماض إلى الذي أرسلني، وليس أحد منكم يسألني: أين تمضي، لكن لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم. لكني أقول لكم الحق : إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة. أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي. وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضا. وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين. إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني، لأنه يأخذ مما لي ويخبركم”. (إنجيل يوحنا 16/5-14)

*ملاحظة: ما ورد أعلاه هو مقدمة مقالة أ.د عبد العزيز بايندر (مصطلح السنة بحسب القرآن والتراث) ولقراءة المقالة كاملة يرجى الضغط على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=5877

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت

[1]  المتتبع للآيات التي فيها الأمر بطاعة الرسول تأتي مطلقة عن القيد، بينما التي يذكر فيها الأمر بطاعة النبي تأتي مقيدة بالمعروف، وذلك لأنه بصفته رسولا يبلغ عن الله آياته فلا يزيد فيها ولا ينقص، فتكون طاعته في الحقيقة طاعة لله تعالى، أما بصفته نبيا فقد يأمر باجتهاده، ولأنه بشر يجري عليه ما يجري على جملتهم فقد يخطئ بالأمر، لذا كانت طاعته مقيدة بالمعروف، وهذا يسلط على ضرورة التفريق بين المصطلحين.

[2]  الإصر هو التكليف بالإيمان بالنبي القادم، وقد ارتفع الإصر بالإيمان بخاتم النبيين محمد، لأنه لا نبي بعده.

[3]  انظر (البقرة 2/89)

[4]  للمزيد حول هذا الموضوع ننصح بقراءة مقالة عبد العزيز بايندر (مصطلح الأُمِّيِّ في القرآن الكريم) على الرابط التالي https://www.hablullah.com/?p=3390

 

 

[5]  أطالبه بمعنى أُجازيه

تصنيفات

Your Header Sidebar area is currently empty. Hurry up and add some widgets.